(١- ابتدأنا شهر كانون الأول باحتفالات عديدة جابت أطراف الأردن بمدنه وقراه، وكم كنا فخورين بالابتسامة على وجوه الأطفال والعائلات والمواطنين، حين كانت شجرة الميلاد تضاء في كل مكان في هذا الوطن المقدس.
فسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله توجه إلى بلدة السماكية جنوب الأردن للقاء بإخوته أبناء العشائر الكركية المسيحية والمسلمة، التي تضرب على الدوام أجمل الأمثلة والقصص الشعبية للتلاحم بين المسلمين والمسيحيين. أضيئت شجرة الميلاد وسط الأهازيج والأفراح والزغاريت الكركية الأصيلة. وبعدها بأيام أضاءت جلالة الملكة رانيا العبدالله شجرة الفحيص التي أصبحت مزاراً لكل الأردنيين وبالأخص الأجانب أيضا الذين يرون في الفحيص مدينة الوئام والمحبة. واستقبل جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين باللقاء التقليدي السنوي رؤساء الكنائس في الأردن وفلسطين، علامة على تهنئته الأخوية، وعلى الوحدة الروحية التي تربط المسيحيين من ضفتي النهر الخالد.
لكن هذه الأفراح لم تكتمل بسبب أن العنف قد ضرب وسقط شهداء لنا، لذلك تم الإعلان عن اختصار الاحتفالات بالدينية أو الشعائر الدينية وهذا طبعا يحث المؤمنين على التركيز على جوهر العيد لا على مظاهره الخلابة. وقد ارتفعت الصلوات والترانيم في الاردن، من أجل أرواح الشهداء الشباب الغاليين على قلوب ذويهم، وقلوب كل الاردنيين.
(٢-كريسماسولوجي Christmasology هي كلمة أصبحت متداولة وبالأخص على السوشيال ميديا، وتعني علم عيد الميلاد، ذلك أن هذا الموسم من كل عام أصبح له رونقه الخاص، وفنه الخاص أيضا من خلال الديكورات والزينة التي تتطور تدريجياً. وأصبح هنالك (موضة) زينة عيد الميلاد بشكل سنوي، فهنالك العادات والتقاليد والأدوات الشعبية التي توضع على الشجرة، وبالتالي هنالك إدخال لهذه الثقافات المحلية في شجرة عيد الميلاد، تماما كما حصل في الأردن العزيز، في شجرة عيد الميلاد الموضوعة من أمانة عمان على الدوار الخامس، حيث تم تزيين الشجرة بأدوات تراثية أردنية من رموز وتطريز تراثي وغيره، وهذا يسمى الحوار الثقافي بين المجتمع المحلي والزينة الميلادية، إذاً مع تطور الزمن سيكون هنالك دائما تطور أيضا في الزينة وفي علم عيد الميلاد.
(٣-مغارة الميلاد في البحر الميت، شاركت مع وزير السياحة السابق، بإفتتاح أكبر مغارة ميلادية، في فندق البحر الميت العلاجي. فإلى جانب الأشجار هنالك أيضاً المغارة الميلادية التي لربما تكون الأقرب إلى معاني ميلاد. ذلك أن فيها شخوص الميلاد الذين يروون لنا قصة ميلاد المسيح المخلّص. و الملفت للنظر أنها رسالة تأتي من أخفض بقعة في الأرض تحت سطح البحر، وتحمل رسالة عالية وغالية. فالأردن يحتفل بالميلاد ويصدر رسالة المحبة والسلام، من هذه المنطقة، غير البعيدة عن بيت لحم مدينة الميلاد، وغير بعيدة كذلك عن موقع عماد المسيح – المغطس.
(٤-الجوقة الهنغارية سانت أنجيلا Saint Angela جاءت إلى الأردن خصيصا من أجل أمسيات ترانيم مع جوقة ينبوع المحبة الأردنية، شباب وشابات جاؤوا ينشدون من أجل الميلاد، بأصواتهم الرائعة في أردننا الحبيب، كم فعلا كان مؤثراً هذا اللقاء بين الجوقتين وهذا الترنيم المشترك الذي يدل أيضا على التلاقي بين الشرق والغرب، في الأردن العزيز الذي يشكل موطن الحضارات والثقافة والوئام والحوار.
(٥-أخيرا كلمة «منوّر» هي الكلمة الأكثر استخداما على صفحات السوشيال ميديا، وبيس لها مثيل في لغات غير العربية فإذا أردنا أن نسجل إعجابا بشخصية ما أو صورة ما نقول لصاحبها منوّر، والنور هو من سمات الميلاد ورموزه الزاهية، نقول لكل القراء الأعزاء «خليكوا منورين بنور الميلاد المجيد» ذلك أن النجمة التي سطعت فوق بيت لحم هي التي تضيء قلوبنا، فتزيح عتمة الاحقاد والانتقام، وتقتل فينا ايّ تطرّف وبغضاء، فنبصر أن كل إنسان هو أخ وأخت لنا في الإنسانية وفي الإيمان بالله الواحد.
وكل عام وأنتوا منورّين بعيد الميلاد.
Abouna.org@gmail.com
الرأي