كلمة الحق في مثل هذه الظروف ربما تكون صعبة نتيجة الهرج والمرج السائد، ولكن الرجال الصادقين لا بد أن يقولوها.. الأزمة الأخيرة التي مرت على البلاد وانتهت بحمد الله تعالى وإن كانت خسائرنا بها عظيمة باستشهاد عدد من رجال الأمن العام، أثبتت أن الأردن عصي على الفوضى بتماسك أهله والتفافهم الدائم المتين خلف دولتهم وقيادتهم.
الأزمة الاقتصادية التي توتر الناس أحيانا، للإنصاف، تضرب فينا منذ أكثر من 10 سنوات، نتيجة ظروف خارجية وداخلية مختلفة تطرقنا لها كثيرا، والكل بات يعلمها جيدا إلا أولئك الذين لا يريدون أن تبرد رؤوسهم وينزلوا على الحقيقة، ومستمرون في عنادهم وتجاهلهم لها، ويديرون ظهورهم لصعوبة الواقع.
الحكومة الحالية ورثت أزمة اقتصادية متراكمة، وتعاملت معها حسب الإمكانيات المتاحة وبكل شفافية ووضوح وواقعية، ولم تخف عن الناس شيئا، ولم تسع إلى الشعبوية وتحملت في سبيل ذلك الكثير، وظل رئيسها بشر الخصاونة مصرًا على نفس النهج لأنه يعلم أن طريق الخروج من هذه الأزمة يحتاج إلى مصارحة الجميع بالواقع الصعب، ولم تتوان الحكومة في اجتراح الحلول للتخفيف عن الناس ملتزمة بالتوجيهات الملكية المستمرة، ذلك أن الأولوية القصوى عند الملك عبدالله الثاني مصلحة المواطن وحياته الكريمة.
ما حدث خلال الأيام الماضية بحاجة إلى تقييم من كل مؤسسات الدولة، ووضع الخطط بالتشاركية المطلوبة لتفادي ما حدث في المستقبل حفاظا على جبهة الأردن الداخلية التي تشكل القاعدة الأساس في استمرار المسيرة الوطنية نحو الأهداف المنشودة.
اتهام الحكومة وتحميلها سبب الأزمة فيه ظلم كبير، لأنه كما أشرت سابقا لا يوجد حكومة ترغب أن تعاني من صداع ومتاعب مع مواطنيها، بل على العكس، من صالحها أن تكون الأمور مريحة لها وللناس، لتستطيع أن تعمل وتنجز بأريحية، فقد تصدت هذه الحكومة لتفكيك عقد كثيرة في الأزمة الاقتصادية، ونجحت في الكثير على هذا الطريق الوعر، فمن غير العدل أن توجه لها سهام الاتهام والنقد المبني على غير الموضوعية، من أجل الاتهام فقط، وتسجيل المواقف في الشارع.
على المستوى العربي يجب أن نبقى نذكر وننبه أن الأردن يجب ألا يبقى وحيدا في مواجهة أزمته الاقتصادية، لأنه العقدة الأصعب في صد الفوضى عن الجغرافية العربية، ومن أجل ذلك يظل مستهدفا دائما ممن يريدون الخراب له، ومن خلفه للعرب، وقد بدأت أصوات كثيرة في الوطن العربي تتبنى هذا الطرح وتعلن أن حماية الأردن ليس ترفا ولا منة، بل واجب قومي وضرورة باتت ملحة.
مرة أخرى، ليس ذنب رئيس الحكومة أن يصارح الناس بالواقع، وأنه لا يسعى خلف الشعبويات، وهمه النجاح وإنجاز المهمة الوطنية أمام الله تعالى ثم الملك والأردنيين وضميره في إخراج الأردن إلى بر الأمان.