إذا كان جلالة الملك قد نجح فى وصل العلاقة المنقطعة بين المغرب والجرائر بدعم امريكي وتفهم فرنسي واوجد ارضية مصالحة بين الرياض وطهران باسناد عربي وفرنسي ويقوم بجهود استثنائية لدعم حالة السلم الاقليمي عبر الوقوف مع قرارات الشرعية الدولية بمناصرة الحق الفلسطيني امام مركبات حكومة اسرائيلية متعنتة بدعم فلسطيني ورعاية اوروبية ودولية ويعمل على دعم الجهود الرامية بتخفيف حجم المناخات الضاغطة على لبنان بالاتجاه المتتم بما يمكن تياراته السياسية من التوافق حول رئاسته وتشكيل حكومته من على ارضية تفاهمات "اوروبية - فرنسية - عربية" وهو يقوم بكل هذه الجهود الاستثنائية للتخفيف من حالة الاحتقان المستشري نتيجة حالة التضخم الاقتصادي والتبدل الجيوسياسي .
إن هذة النجاحات الدبلوماسية والسياسية التي تشهد لها كل المحافل الاقليمية والدولية كان من المأمول ان تستقبل بحواضن شعبية ايجابية وثناء اعلامي كتلك التي يتلقاها جلالة الملك من العواصم السياسية الاقليمية والدولية، وكان من المفترض ان يتم تحليل ابعادها ومضامين الاستفادة منها على المستوى الوطني وعلى المستوى الاقليمي والدولي، إلا أن الاردن ظهر بثوب اخر غير الثوب الذي يستحق واصبح مدعاة تندر عند بعض النوافذ الاعلامية المجحفة وهذا مرده خلل واضح في قنوات التواصل الواصلة بين بيت القرار وحواضنه المستقبلة مع ان حال البيان كان من المفترض ان يكون منسجم كما حال السؤال لكنه جاء عكس ذلك ؟!.
صحيح ان الحراك الشعبي تم معالجته بطريقة امنية عبر سلسلة من الاجراءات الواصلة لاحتواء مظاهر الحراك الشعبي، إلا أن هذه الاجراءات لم تعالج سبب اندلاع الازمة، ولم تكشف استخلاصاتها لماذا نشبت، وكيف انخمدت؟، كونها جاءت قبل انعقاد مؤتمر بغداد وانتهت عقب انتهاءه وهو المؤتمر الذي كان يعول عليه بايجاد علاقات ايرانية عربية طبيعية بما يسمح بانهاء الازمة اللبنانية ووقف العمل باتفاقية قيصر، وكما يسمح باعادة المسارات التجارية البرية لتصبح واصلة بين الاردن والاتحاد الاوروبي عبر سوريا وتركيا وكذلك العمل على تأمين خطوط امداد الكهرباء لسوريا ولبنان، وهذا ما سيكون له انعكاسات ايجابية على حركة الاقتصاد الاردني تماما كالذي اعلن عنه في عملية الربط الكهربائي بين مصر والاردن والعراق .
ويتفق الكثير من المتابعين والسياسيين على حد سواء ان التحرك الملكي قد حقق اختراقات مميزة في الفضاءات السياسية الاقليمية واستطاع من ايجاد ارضية عمل سياسية يمكن البناء عليها بعودة مناخات الوئام للمنطقة يحد من برنامج حكومة نتنياهو المتطرفة القائم على التطبيع التهويد بما يضغط على بيت القرار في تل ابيب باعادة حساباتة العودة عن سياسات التطرف التي تتبعها حكومته في التعاطي مع المشهد العام .
خلاصة القول ،، أصبح هناك هوة بين بيت القرار وحواضن الاستجابة الذاتية، وهي بحاجة ماسة لمعالجات وفتح حوار صريح وبناء لتشمل وسائلها الواصلة كافة على الاصعدة الوجاهية والاعلامية، فإن التحرك السياسي على المستوى الاقليمي والدولي من مركز بيت القرار الاردني بحاجة لاصلاح وتقويم أنظمة محركات العمل كما في وسائل الارسال حتى يتم تعزيز ميزان الثقة الذي يراد تعزيزه وتعميق محتواه.