حين تكون الأزمات فرصةً للبعض أن يصطاد فيها ويستثمرها ببشاعة كي يُغذّي بها الأنا المتعطّشة فيه ، فلا شكّ أننا نواجه حالةً مرَضية تستدعي التشخيص الدقيق ، والعلاج الناجع لئلا يتفشّى المرض ولا ينخر في عظام الوطن فيوهنه .
من قال بأن الذين يُجيدون النفخ في الكير هم من يريد الخير ويُشيعه ؟
ومن يُسلّم بأن الذين يجرّدون الأقلام المائلة ، والحناجر المريضة التي لا همّ لها إلاّ التخوين والشيطنة لعباد الله هم الذين يريدون أن يستقرّ الوطن ويتعايش فيه أهله بمحبّةٍ وطمأنينة وتعاون وتعاضد ؟
ليس من المعقول أن يستمرّ البعض من حمّالة الحطب في نهجهم البغيض في إذكاء الفرقة والتقسيم بين الأردنيين ، وإشعال النيران ليخلو لهم وجه أبيهم الذي يظنون ، حتى لو أنّ النار أتت على ما لا ينبغي التفريط فيه ، أو الزهد فيه ، أو التخلّي عنه .
إنّ مظلة الدولة _ أيَّ دولة _ هي أوسع مما يحاول البعض تقزيمها والإستئثار بها ، وهي التي يجب أن تُعلي شعاراً حقيقياً صادقاً يقول " رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي " لأن العقلاء هم من يوقنون بأنَّ " صديقك من صَدَقَكَ وليس من صَدَّقَك " ، وأنّ النرجسيين لا يبنون وطناً ، ولا يُشدُّ بهم ظهر لأنهم يدورون مع مصالحهم حيث دارت فقط .
ولعلّه أصبح من الضروري والضروري جداً أن يُفهم بأن الفئة المتصيّدة المتنفّعة ، التي تستلُّ ما لديها من أدواتٍ بائسة في الملمّات لتنهش في عباد الله ، هي من أسباب الأزمات ومحرّكيها وباعثيها لأنها تتدثّر بغطاء حبِّ الوطن والحرص عليه ، وتتصيّد في الماء العكر الذي هو من سوء صنيعهم هم ويتّهمون الناس في نواياهم وسلوكهم وشكواهم وهم ينتظرون الثمن والمكافأة غير آبهين بالمآلات التي تنتهي إليها الأمور والأحوال .
إنّ الكلمة السواء والموقف السواء والرأي السواء والمشورة السواء والحوار السواء هي كلّها مما نحتاج إليها وبها يصلح الحال وتستقيم الأمور ، ولا يمكن بحال أن نفضي إلى خير في أجواء الإستعداء والتجييش والتهويش والتهميش التي لا يستفيد منها إلاّ صيادو الفرص ، ودعاة الهوجاء والشحناء ، وتصبّ في مصلحة من يريد بنا وبوطننا سوءاً ودنيّة .
وحمى الله وطننا من كيد الكائدين ، وفساد الفاسدين ، وأهواء المارقين.