بثت المحطة الفضائية جوسات JO SAT يوم الأحد 24.10.2010 برنامج " في الصميم" وهو من اعداد وتقديم الزميلة د. رولا الحروب، حيث تضمنت الحلقة قضية المحاكم الكنائسية في الأردن، كما استضافت د. الحروب ضيوفها من أصحاب المعرفة والعلاقة في الأمور القضائية الكنسية اضافة الى المادة المعدة مسبقا و اتصالات المشاهدين المباشرة كل هذا كان له دورٌ في اثراء الحلقة خاصة وهي تتناول ملف يعتبر حساس وذو أهمية وجدل كبير لدى المسيحيين في الأردن، بغض النظر عن الرأي القائل بأن هكذا قضايا قد تتطرق الى أمثلة واقعية تمس حياة أشخاص لها خصوصيتها فلا يحبذ الغوص في تفاصيلها.
أحد الضيوف هو الأرشمندريت حنا (خريستوفورس) عطالله الذي عزل من منصبه كنائب لرئيس المحكمة الكنسية للروم الأرثوذكس في الأردن، واستخدمتُ كلمة عزل لأنه وأثناء دخولهُ كقاضي الى قاعة المحكمة تفاجأ بورقة من البطريركية تفيد بعدم امكانيته الاستمرار في منصبه، من دون حتى أن يسمع رأيه أو يعطى فرصة لمعرفة السبب، وهذا كما أفاد هو شخصيا بحزن وعلى الهواء مباشرة وخلال بث الحلقة، في ذلك الوقت تسربت أخبار عن شكاوى واتهامات وجهت للأب حنا (خريستوفورس)، ومن خلال الحلقة تبين أن محكمة الاستأناف الكنائسية في القدس أصلا ردت الدعوى وأكدت صحة الاجراءات القضائية التي حكمت بها المحكمة الكنيسة البدائية في عمان، وزيادة على ذلك وخلال الحلقة ظهر جليا تضارب موقف المشتكين- مع الاحترام - على الأب حنا (خريستوفورس) مما أوضح صواب واتزان قراره القضائي، بتاريخ 17\11\2009 قامت مجموعات من أبناء الرعية والهيئات الأرثوذكسية بالاعتصام أمام مقر المحكمة في منطقة العبدلي\عمان، دعماً للأب حنا وتأكيدا على استقامته ونزاهته، وفي الشهر نفسه اعتصم الآلاف من أبناء الرعية أمام القصر البطريركي في الصويفية\عمان (دار المطرانية) منددين بسياسة البطريركية في ادارة الكنيسة وخاصة بقرارها الذي اعتبر كيدياً وسلبياً بحق الأب نفسه، وللأسف الشديد قامت البطريركية مرة أخرى بضرب غضب واعتراض الرعية بعرض الحائط بدلا من فتح قنوات حوار معها لسحب فتيل الأزمة وتصويب الأوضاع في المستقبل، ومنذ تلك اللحظة لقب الأرشمندريت حنا (خريستوفورس) عطالله بضمير الكنيسة الحي، وهو لقب شعبي بامتياز،ناتج عن محبة وثقة الرعية براعيها وشعورها بالظلم الواقع عليه، "ومتى اخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته" يوحنا 4:10 الكتاب المقدس.
مسألة أن يخرج ناطق رسمي باسم البطريركية ويقول أنه تم توقيفه عن العمل في المحكمة ليتفرغ لخدمة رعيته بشكل أكبر! وأن يقال بأن لا وجود لما يثبت أن اقالتهُ من المحكمة كانت بسبب شكوى أو اتهام، وما هي الا اجراءات ادارية خاصة داخل الكنيسة وليست من شأن العامة! فهذا شيء محزن، ان لم تكن هكذا أمور من شأن الرعية فهي من شأن من؟ وبالمناسبة أن راتب الأب عطالله مازال مقطوع عنه منذ 2007، ومن يبحث سيجد أمثلة مشابهة في فلسطين أيضا.
· تطوير أداء المحاكم الكنائسية في الأردن خاصة محكمة الروم الأرثوذكس التي نالت الجزء الأكبر من تلك الحلقة التلفزيونية:
خلال الحلقة الحوارية طرحت أفكار عدة قد تكون مقبولة وتساعد على رفع كفاءة أداء المحكمة، مثل اعداد كهنة لاهوتيين اجتماعيين قانونيين متفرغين للعمل العدلي والقضائي، الاستعانة بشكل أو بآخر بالخبرات القانونية والقضائية لدى القضاة المتقاعدين المسيحيين في الأردن، اقامة محكمة كنائسية للاستأناف في الأردن وليس الاعتماد على المحكمة الموجودة في القدس ليتمكن المراجعون من التواصل المباشرو الصحي والسليم مع المحكمة، اعادة النظر في التشريعات والقوانين المتعلقة بالعائلة المسيحية وغيرها، وأضعف الايمان أن تكون هناك لغة مشتركة تجمع أطراف القضية بأعضاء المحكمة، وان كان هناك ترجمة بسبب اختلاف اللغة كما هو الآن، أن تكون هذه الترجمة فورية ومفهومة لدى الجميع في آن واحد.
أما أن يقال بأن البطريركية عينت أو ستعين شركة متخصصة في التعقيب المالي والاداري لدراسة كيفية تطوير عمل المحكمة الكنائسية، كما ورد في الحلقة ذاتها، فأقول كمسيحي عضو في الكنيسة الرومية الأرثوذكسية المقدسية، هذا شيء قد ينجح وهنا أفيد بالتشكيك، برأيي الشخصي الأجدر أن يتم تصحيح هيكلية الكنيسة نفسها بالمعنى الاداري بالرجوع الى قوانين الرسل كأساس للعمل، هذه القوانين التي وضعت من خلال الرسل والآباء القديسين اللاهوتيين، فمثلا قانون الرسل رقم 34 الخاص بنظام الأبرشيات الذي يعطي الأسقف حقه بأن يكون مسؤولا عن رعية وليس أن يكون الأسقف صاحب لقب للأسقفية يتوارثه تاريخيا، هنا ستكون علاقته متينه مع الاكليروس (رجال الدين) والعلمانيين (أبناء الرعية من غير رجال الدين) التابعين لأبرشيته، وبالتحصيل الأسقف الرعائي هو عضو دائم في المجمع المقدس (السلطة العليا) الذي يرأسه البطريرك، هذا يفيد بطريقة غير مباشرة أن أبناء تلك الأبرشية ممثلين في كنيستهم بشكل سليم، بهذا نبني القاعدة الصلبة والأوسع للكنيسة التي هي "جماعة المؤمنين" ويبدأ هذا الهرم بالتشكل الهندسي الى أن يصل القمة وهو البطريرك، كلٌ يعرف دورهُ في الكنيسة والعلاقات المتسلسلة الصحيحة تضمن ثبات الهرم الكنسي، هذا مطبق في أرجاء العالم الأرثوذكسي ومفقود في الكنيسة المقدسية التي تسمى تاريخيا "أم الكنائس" فمتى ستصبح هذه التسمية واقعا من جديد؟
الصورة تعبيرية لأحد رجال الدين الأرثوذكس أثناء الصلاة