بعد فوز البترا..القطاع الخاص يدير المواقع السياحية

بداية ولأسباب شخصية وموضوعية اعتذر من القراء عن فترة غياب استمرت مدة شهر وأسجل سعادتي اليوم بأنني أعود للكتابة في قطاع السياحة القطاع الذي تعلمت فيه مفردات وأبجديات الإعلام السياحي بدء من دروس التوعية والتثقيف السياحي التي بدأتها في صيف 1992 وانتهاء بإستراتيجية الإعلام السياحي ومأسسة الإعلام السياحي على الصعيدين المحلي والعربي وصولا إلى مغادرتي القطاع السياحي على الصعيد الوظيفي لأسباب ربما كانت في ظاهرها أسبابا طوعية لكنها في وقع الحال لم تكن هكذا . ولان موضوعي اليوم ليس بهذا الخصوص لكنني لم أتمكن من تجاوز تلك الفكرة وان لا أضعها في بداية المقال المهم أننا اليوم وبعد أن عشنا أيام من الفرح والسعادة بفوز مدينة البترا ضمن عجائب الدنيا السبع تاكد لنا ومما لا يدع مجالا للشك بل من واقع الحال ثبت لدينا بان تجربة القطاع العام في إدارة المواقع السياحية هي تجربة فاشلة ولم تحقق تقدما ملموسا في مسار التنمية السياحية ولعل الموازنات والمخصصات المالية المتواضعة التي تدرج في موازنة الدولة وكذلك ضعف العاملين وقلة تجربتهم واتساع دوائر الروتين والبيروقراطية أسباب ساهمت في فشل تجربة القطاع العام في إدارة الموارد السياحية .
في بلدان عربية انتهجت النهج الاشتراكي الشمولي في اقتصادياتها اتجهت في فترة الستينيات الى إنشاء مشاريع سياحية ضخمة وكبيرة ولكنها الآن أصبحت تشكل عبئا كبيرا عليها وبدأت في خصخصتها ويذكرني ذلك بمشاهد المنتجعات السياحية في منطقة "زارلدة" الممتدة على شواطىء البحر المتوسط في الجزائر وفي المقابل شاهدنا ادارة القطاع الخاص لمناطق ومنتجعات سياحية ومواقع اثرية وتراثية مهمة ومنها منطقة "سيدي بوسعيد" و"شواطىء حمامات الياسمين" في تونس و"ساحة الفنا" في مدينة مراكش ومغارة "جعيتا" في لبنان والقرى التراثية في السعودية والكثير من النماذج الناجحة لادارة المواقع الاثرية والسياحية لذلك فالمطلوب ان يتولى القطاع الخاص ادارة المواقع السياحية واقامة الاستثمارات فيها وخلق التنمية السياحية المستدامة فمشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المواقع السياحية تأتي في إطار التطبيقات العملية للاستراتيجية الوطنية للسياحة ولتحقيق إنجازات جديدة تسهم في تطوير وتنمية المواقع السياحية وتعزيز مكانتها في تنويع المنتج السياحي .
فعملية إدارة المواقع السياحة لها الأهمية القصوى نظرا لخصوصية تلك المواقع باعتبارها من أهم مرتكزات المنتج السياحي كنقاط جذب للسياح والزوار القادمين للملكة. لذلك فلا بد من تعميق الشراكة القائمة بين القطاعين العام والخاص في إدارة المنتج السياحي .
خلال الفترة الماضية خرجت القطاعات السياحية بتصور ودراسة توسيع وتفعيل دور القطاع الخاص بهدف إدارة المواقع السياحية وإقامة الاستثمارات فيها وكذلك زيادة الاستثمارات القائمة في بعض المواقع وبما يضمن ديمومة توفر الخدمات السياحية بمستويات عالية من الجودة وما يتواكب مع الطلب العالمي على الخدمات السياحية خصوصا وان الكثير من المواقع السياحية الهامة في المملكة تتطلب إقامة استثمارات فيها وتوفير خدمات سياحية مميزة ومجدية وكذلك تحتاج إلى إدارة للنشاطات والفعاليات السياحية التي تقام فيها مما يساعد من فرص التسويق الفعال للمنتج السياحي وتنمية المجتمعات المحلية في المناطق السياحية ومشاركتها في النشاطات السياحية .
أن الميزات التنافسية للمنتج السياحي الأردني وتنوعه تدفعنا إلى المضي قدما في تنفيذ خطط وبرامج عمل مشتركة مع القطاع الخاص لتطوير وإدارة المواقع السياحية وإقامة الاستثمارات فيها وتمكين القطاع السياحي الخاص في المشاركة في خلق السياحة النوعية والمستدامة.