توقعت أن يكون لقاؤنا مع معشر الفلسفة الذي نظمه "مسارات تنوير، مساء أمس الإثنين حوارًا لا جدلًا؛ بهدف الوصول إلى توفير شروط مناسبة وسليمة وموضوعية لإنجاح تدريس الفلسفة، فوجئت بالدكتور يوسف ربايعة مدير الندوة بأنه يتحدث عن متشائمين ومتفائلين:
المتفائلون هم معشر الفلاسفة الذين بدأوا بالاحتفال بالنصر بمجرد صدور قرار عودة تدريس الفلسفة، والحديث عن نضالهم من أجل الإعادة، وادعاء النصر عادة عربية حتى قبل المعركة.
أما المتشائمون فهم أنا!!!
تحدثت عن تحديات تدريس الفلسفة ولخصتها بما يأتي:
١-صعوبة تأليف كتب الفلسفة، وصعوبة اختيار مؤلفين لها، وكان منطلقي أننا لم ننجح في تأليف أي كتاب حتى في العلوم والرياضيات! فكيف سننجح في تأليف كتب الفلسفة، حيث لا خبرة سابقة ناجحة، بل على العكس فإن معشر الفلاسفة هم من أفشلوا تجربة ١٩٩٢ بإعادة تدريس الفلسفة، وها هي العقول نفسها تتسيّد مهمة تأليف الكتب!
قلت: كتب العلوم الجديدة تعلم الطلبة مصطلحات غير علمية وغير منطقية حين تقول للطلبة:
ممّا لا شكّ فيه.
وإنك بالتأكيد.
وإنك حتمًا سوف..
هذا ما أصدره المركز الوطني للمناهج.
وفي تأليف كتب الرياضيات، تحدث المؤلفون عن مسائل وأرقام، وقضايا ومشكلات لا علاقة لها بحياة الطلبة، بل إن جميع مسائلها كانت تتحدث عن الماضي، ولم تقدم لهم مشكلات يواجهونها حاليُا أو سيواجهونها في المستقبل!!
إذن: ما بالك بكتب الفلسفة حيث لا نمتلك عقلية القرار السليم ولا الخيارات المناسبة؟؟
٢- وقلت إنّ نقطة البدء في إنجاح الفلسفة تبدأ في تهيئة بيئة اجتماعية قابلة، وإنّ أحدًا ما لم يبدأ حوارًا مع المجتمع لدعم تدريس الفلسفة ، بل بتقديري تعمدت قبيلة الفلسفة إلى التحدث بفوقية وفي ندوات ضعيفة مغلقة قليلٌ حضورها!
٣- وقلت: إننا لم ننجح في تدريس أي مادة حتى الآن إلّا بالأسلوب التلقيني، وخشيت أن تنجر الفلسفة إلى التلقين بدلًا من أن ترتقي بالتدريس إلى الشك والحوار والنقد والتحليل، وبذلك ستكون كتب الفلسفة عبئًا إضافيًا مكروهًا لدى الطلبة! كانت ردود المتفائلين:
نحن واعون لهذه الأمور وأعطونا وعودًا فوقية بلغة: سنعمل وسندرب، وستكون الكتب، ويكون التدريس ... إلخ. وكأن مسؤولًا أردنيًا عُيّن ب"الواسطة" يتحدث عن فتوحات وهمية!! ما أقلقني وحولّني إلى تشاؤم حين أكد رئيس القبيلة أن الفلسفة ستكون ناعمة وليس بالضرورة أنها ستناقش قضايا قد لا يقبل بها متطرفو المجتمع، فقلت في نفسي: هذه الكتب المسالمة المدجنّة قد تناقش الطلبة في قضايا الزير سالم وعنترة بن شداد والطريق الآمن إلى الخضوع ورضا النفس على طريقة:
قرأت الفلسفة، وحفظت ونمت!
نعم هناك أخطار تحيط بالفلسفة أهمها:
الطريقة الأردنية في الاختيار
والضعف الأردني في التأليف
والسباق إلى وضع الاسم على الكتاب: ظالمًا أو مظلومًا.
دخلت الندوة آملًا وخرجت خائفُا.
ملاحظة:
ما زال قومي يقولون إن من درس الفلسفة يستطيع تدريسها!!!