عن سؤال الدور والأهمية والريادة تكفل مؤتمر بغداد (٢) بالإجابة, «الأردن بلد له دور محوري يتجاوز إمكانياته المحدودة».
في الوقت الذي كانت فيه اصوات كثيرة تقلل من أهمية الدور المحوري للاردن هل هو ذا يجمع الاف الاقليمي والدول المؤثرة فيه اقليميا ودوليا في مؤتمر بغداد بنسخته الثانية، فهو دولة مؤهلة لقيادة الحوار حول القواسم والمصالح المشتركة وتقريب وجهات النظر.
الشيء بالشيء يذكر ان قادة الاردن والعراق ومصر كانوا قد وضعوا الاسس لانطلاق تعاون اقتصادي مشترك على قاعدة مشاريع اقليمية طموحة.
العمق الاستراتيجي للأردن كان دائماً موجوداً، لكنه متغير تماما كما تتغير التحالفات.
الأردن لديه تحالفات اقتصادية متعددة وكان دائما لديه تحالفات سياسية متعددة العراق أو سوريا أو السعودية أو مصر..
دول كثيرة استفادت من ثقة المجتمع الدولي بالسياسة الاردنية فكان الأردن داعما لوجهات نظرها ولتضييق فجوات التفاهم والقبول بين القوى الكبرى المؤثرة.
الثابت هو علاقات استراتيجية راسخة بحكم الجيرة ومن هنا كان الأردن دائما يحرص على علاقات طيبة مع هذه الدول.
العراق عمق استراتيجي للأردن والعكس صحيح، ولا فكاك من علاقة جيدة متشابكة في المصالح والإستراتيجيات، ومن غير المقبول أن تتأثر ببعض المواقف هنا أو هناك أو ببعض التأثيرات لدول ربما لا يرضيها هذا التقارب.
ميزة جلالة الملك عبدالله الثاني القدرة على الإقناع, وكما كانت خطاباته والافكار التي يطرحها نجم مداولات المؤتمرات.
لا يعتمد الملك على التقارير المنقولة ولا على التصريحات المتناقلة, فيحرص على الاستماع والمناقشة في دوائر التأثير العالمي ومواقع صنع القرار, فيتنقل في ظل أجواء غاية في الحساسية والخطورة لصنع تأثير في مسار صنع القرار وفي ذات الوقت يكون شريكا فيه.
بالرغم من الضائقة الاقتصادية ينشغل الملك باستقرار المنطقة لان استقرارها ينعكس على استقرار الاردن وقدرته على تحريك المشاريع الاقليمية ودعم اقتصادي للبلاد التي ترزح تحت ضغوط غير مسبوقة، لجوء سوري ضاغط وأزمة اقتصادية ذات طابع محلي وإقليمي.
صحيح أن الاضطرابات في المنطقة رتبت أعباء كبيرة على الأردن لكن أستطيع أن أقول أن هذه الاضطرابات يمكن أن تشكل في ذات الوقت فرصة كبيرة لتحقيق فوائد للاقتصاد بحسن الادارة والجرأة في اتخاذ القرارات وتنحية الحساسية المفرطة في التعامل مع هواجس وتداعيات هذه الاضطرابات.
وفي غمرة التساؤلات عن نقاط التغيير التي سجلت خصوصا في الشرق الأوسط على مدى الأعوام السابقة بينما يتزايد التوتر والصراعات المعيقة للتنمية بالنسبة لشعوب تواقة لإحداث الرفاه يبرز الأردن، الذي يسجل تقدما في مسيرة الإصلاح السياسي المضمونة من إرادة قيادة فذة تدرك مفاتيح التحديث تريد للبلد أن يكون نافذة التغيير ونموذجه ونبراسه المضيء لمصلحة كل شعوب المنطقة.
الأردن من جانبه غير معني بأي خصومات مع أحد ولم يسجل في تاريخه أنه تدخل في شأن اي من الدول القريبة والبعيدة بل على العكس كان دائما يترفع عن الراغبين بالخصومات وينكأ جراحه بصمت ويمضي قدما حتى لو كانت الطعنة في الخاصرة ومنها.
العراق عمق استراتيجي ونترقب تعافيه السريع بفارغ الصبر لأن صحته من صحتنا والعكس هو الصحيح.
(الراي)