حب الاوطان غريزة فطرية، فهو موطن ولادتنا ونشأتنا ومحضن طفولتنا وشبابنا، ومرتكز هويتنا وشخصيتنا، وجسرا آمناً لأحلامنا وتطلعاتنا، بما يوفره لنا من أمان. وأمن الوطن واستقراره وحمايته من أية افكار هدامة واعمال تخريبية، مقدم على الرزق، فبدون الوطن لا يوجد عمل ولا بيع ولاشراء، ولا تجارة ولا اقتصاد ولا تعليم. وشهدته بعض الدول من دمار اقتصادي نتيجة ما فعله بها الفكر المتطرف خير مثال على مانقول حيت دمرت مصادر قوتها واقتصادها وصارت نهبا للصراعات السياسة والحزبية والطائفية الممجوجة والنتيجة التشظي واستباحة دماء الابرياء وانهيار الاقتصاد وضياع الامن والامان وهلاك الانسان والزرع والضرع.
الاوطان هي بيوتنا ومزارعنا ومدارسنا ومساجدنا وكنائسنا ومصانعنا وسماؤنا تملكنا ونملكها، هي نحن، ونحن هي بلا فصل ولا انفصال، تحمينا من الغربة والتشرد ومن الاعادي الغاصبين، تحفظ قيمنا واعرافنا ومنظومتنا العقائدية وهويتنا الحضارية، فحقها علينا وحقنا على انفسنا معا ان نحافظ عليها ونفديها بمالنا وانفسنا.
والاصطفاف خلف قيادتها أحد مرتكزات حماية الوطن مما يحاك ضده من مؤامرات خارجية تستخدم بعض ابنائه دون وعي منهم، لاثارة الفوضى تحت ذرائع الفقر والعوز وغلاء المعيشة وما شابه لينتهكوا حرماته وليضعفوا من قوته فيكون لقمة سريعة سائغة لاعدائه المتربصين لحظة ضعفه والانقضاض عليه وهنا لا اعني ابدا الاستخفاف بمطالب ومظالم المواطنين وحقهم في التطلع الى الافضل والسعي نحو عيش كريم كما قال المغفور له الحسين بن طلال في خطاب له شرح به الآية (الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف) حيث انه حق من حق المواطن بلا ادنى شك ولكن فليعي المواطن وليكن حريصا على الا يتغلغل في صفوف المطالبين بتحسين الاوضاع والظروف عابثين بأمن المواطن والوطن.
وبقدر ما توفره الاوطان لابنائها من خدمات ومصالح وحقوق، فان على المواطن ان يدافع عن هذه الاوطان بدمه وروحه، وهو دفاع عن النفس والاموال والاعراض والعقول والمعتقدات.
تتعدد الطرق لحماية الأوطان أمنيا وسياسيا واقتصاديا وعلميا وصحيا، فكل فرد منا يستطيع حمايه وطنه في مجال تخصصه وعمله، وبقدر أهمية حمل السلاح اذا لزم الامر للدفاع عنه لمواجهة اي عدوان يقع بحقه، فان وحدة الصف والتماسك الداخلي لابناء وطن يقف حائط سد ضد محاولات التغرير به والايقاع به في شباك الفتن.
وهنا تتجلى أهمية التعاون المجتمعي في الحفاظ على ممتلكات الوطن، والتعاون في صد اية محاولات لبث الفتن فيه داخلية او خارجية، وعدم السماح لاي فرقة او دعوة للمساس به والعبث باستقراره وترويع اهله.
كل منا يستطيع حفظ وطنه بالاخلاص كل منا في عمله وتطويره وتنميته، والتعاون المجتمعي في نشر التعليم والوعي بقيمة الوطن الذي هو تعبير عن قيمتنا، وبذل الجهود لتطوير الوطن وتنميته عمليا واقتصاديا واخلاقيا كما تعمل الدولة على توفير الفرص والتسهيل للناس وفتح ابواب الاستثمار من الداخل والخارج وخفض الضرائب والمستحقات وتشجيع القطاع الخاص.
كل منا ملزما التزاما شرعيا واخلاقيا بالحفاظ على ممتلكات الوطن والعمل على وحدة صفه، واحترام قوانينه و دفع مقابل هذه الخدمات من فواتير مطلوبة، وعلى الجانب الاخر فان الحكومات الوطنية مطالبة بتوفير المناخ السياسي والاقتصادي اللازم للتطوير وحفز مناخ الاستثمار وخلق فرص العمل، وسن تشريعات قانونية عملية لمنع الغش والاحتكار واستغلال حاجات الفقراء.
ولا شك ان حماية الوطن تبقى مرهونة بتكريس الحكومة لقيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات وتحفيز القيم الاخلاقية التي تحفز المواطنين على التراحم والتعاون ومد الغني يده للفقير. ولعل التحرر من الانانينة والمصالح الشخصية الضيقة يبقى عنصرا فاعلا في الحفاظ على الوطن من أجندات اصحاب المصالح، ويجب ان يقف لها بالمرصاد اصحاب العقول المستنيرة، والذين بدورهم عليهم دور اساسي في الحفاظ على البناء الفكري السليم لابناء الوطن، والعمل على تنمية العقول وتصحيح المفاهيم المغلوطة، حماية المجتمع من أصحاب الدعوات الهدامة والأفكار المتطرفة.
(الراي)