يدرك حتماً من يتابع الشأن المحلي والاقليمي والعالمي أننا في هذا العالم على أعتاب تحولات مستقبلية مرتبطة بتحديات سياسية و اقتصادية و مناخية متسارعة, تحديات غير قابلة للتجزئة ولا مجال فيها للنأي بمصالح أحادية الجانب و لن تجدي فيها الحلول التقليدية، فسواء أكانت اقتصادية أو مرتبطة بتحديات المياه و الطاقة والتغير المناخي و ما يرتبط بها من بعدٍ سياسي, توحد مصير دول العالم ويرى فيها الفكر الوطني الايجابي أرضاً خصبة لتحرك مدروس بنهج دور ريادي مبني على فكر برامجي ايجابي يدرك ارتباط الشأن القومي و العالمي بالتحديات الاقليمية و العالمية ويعي تماماً أثر ذلك بالدرجة الاولى على الدول النامية عامة و على تلك المستقبلة للجوء خاصة و على رأسها الاردن نظراً لما يتحمله من أعباء جراء ذلك رغم شح الموارد.

في خضم ما نمر به من احداث عالمية متسارعة تفرض علينا أعباء و تبعات اقتصادية ما عادت تجدي مواجهتها بالحلول والاساليب التقليدية, بل بالعمل نحو تحقيق شراكات اقليمية وعالمية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار الثوابت الوطنية و تدركها كضرورة وحاجة وطنية ملحة لا تحتمل أي تردد أو تأخير ليحتفظ الاردن بدور أساسي من خلال شراكات عملية قوية قابلة للتطبيق على المستويات الوطنية والاقليمية والعالمية.

فعلى الصعيد المحلي هنالك حاجة وطنية لتعزيز شراكات حقيقية بين القطاعين العام و الخاص من جهة و الالتزام بمشروع التحديث الوطني الشامل بمحاوره السياسية و الاقتصادية و الادارية تكون جل أولوياتها حلولاً عملية ذكية ذات أهداف و مؤشرات أداء قابلة للقياس والتقييم و خاضعة للمسائلة لتحديات الشأن الاقتصادي الذي يعاني تراجعاً عالمياً جراء جائحة كورونا وتبعات الحرب الروسية الاوكرانية من جهة و تعزز الحوكمة و الادارة الرشيدة من جهة أخرى و يكون فيها للتكنولوجيا دوراً أساسياً في خلق فرص عمل من خلال شراكات استراتيجية واستثمارات حيوية عالمية مستدامة تحسن مستوى معيشة المواطنين و تخفف من اعباءهم الاقتصادية

وكما لتهيئ البيئة الصديقة للحياة الحزبية البرامجية التي تتنافس فيها القوى السياسية الوطنية على تنوعها نحو خدمة المواطن و إعلاء المصلحة الوطنية ببرامج تنفيذية مرتبطة بمشروع سياسي وطني ذو رؤية بعيدة المدى تضمن توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع و توجيه القرارات والسياسات الحكومية.


أما على المستوى الاقليمي والعالمي فلا تزال فرصة الخيارات المتعددة لشراكات استراتيجية حقيقية متاحة, فالاردن بحكم موقعه الجيوسياسي الذي يؤهله لان يكون مركزاً اقليمياً أو شريكاً أساسياً في التنمية الخضراء و في استدامة موارد الطاقة النظيفة وفي تعزيز الفرص في حصص المياه الدافئة التي من شأنها أن تفضي الى احداث تغيير حقيقي و ملموس في حياة المواطن الاردني و شعوب العالم كله، ذلك قبل أن تفرض تلك التحديات مساراتها و التزاماتها.

شراكات استراتيجية لمواجهة تحديات عالمية هي فضاء رحب يجب استثمار كل مساعٍ عملية نحوها من شأنها استثمار تلك التحديات بالشكل الصحيح والتقليل من أثرها في محيط تحدياته مستمرة يبقى فيه الاردن -كما كان على على الدوام- قوياً صلباً محتفظاً بدور ريادي في المنطقة و الاقليم.

حفظ الله الوطن الغالي و قيادته المظفرة و شعبه الاصيل و جنبه كل الفتن.