استبشروا خيراً الوطن بخير
12-07-2007 03:00 AM
دولة غزة:
إذا كنت من أهل غزة عليك أن تصلي شكراً وحمداً لله ، وتقيم صلوات القيام والشكر للرحمن ، فالشواطئ ملئي بالمصطافين ، لا تضج استرخائك واستجمامك رصاصات تتناثر هنا وهناك ، ولا تلاحقك صرخات هدى ولا عائلة ممزقة الأشلاء ، ولن ترى بطريقك وجوه أصحاب الرداء الأزرق " أفراد الشرطة " ، أما شوارعها أصبحت أكثر نظاماً ونظافة حيث لن تشاهد كومات القمامة المكدسة على قارعة الطريق ، ولن تزعجك الحشرات المتطايرة فوقها ، ولن تحتاج لأنواع الشامبوهات لتغتسل من غبار التراب علي جانبي الشارع ، كذلك لن تتأخر عن مواعيدك ، حيث اختفت مظاهر الاكتظاظ المروري ، فهناك فتية يرتدون البزات الفوسفورية ، يصلون تحت أشعة الشمس الحارقة لتوفير النظام والأمان لك ، كما اختفى الدفتر المروري وهو ما يسمي دفتر المخالفات ، فلم نعد بحاجة إليه في ظل سيادة القانون ، وجلالة الأمن ، وعظمة الرخاء .ولن تحتاج لشكوي عضة الجوع فالسلع تملئ رفوف المحلات ، والخضار والفواكه تغرق الأسواق ، والدقيق يداعبك من بعيد بأن تحمل منه ما تشاء ، أما اللحوم والأسماك تقرع باب بيتك لوحدها لتجلس مختالة على أحد الأطباق تنتظر معدتك لتهضمها .
أما إن كنت من هواة السفر والترحال ، وراودتك فكرة الاستجمام في أحد الأماكن السياحية ، أو أغرتك عجائب الدنيا التي أعلن عنها قبل أيام فعليك الاتصال من هاتفك المحمول بإحدى شركات الطيران لتوفر لك الحجز الآلي بلا تعب أو معاناة ، وستجد مقعداً مريحاً على أحدي الطائرات الرابضة بمطار الراحل عرفات ، وإن كنت من هواة السفر براً أو بحراً فأمامك خياران تحويل الاتصال الخلوي بأحد مكاتب السفريات البرية أو البحرية ، ودقائق لتجد نفسك أمام معبر رفح أو ميناء غزة البحري ، حيث ستقدم لك أفضل الخدمات ، ويأتيك الإذن بالمغادرة وأنت لا تبرح مقعدك المريح في صالة الانتظار ، لم يعد هناك إغلاق ، وحصار ، ولم تعد تخشي أن تمضي أيام وأشهر عالقاً على المعابر بين الأرض والسماء .
فإن لم تصدقني عليك بالتجول لتري ما لم يراه إنسان..... هذه غزة بعد التحرير .
دولة الضفة:
أما إن كنت من أهل ضفتنا الغربية ، ومقيم بإحدى مدنها ، أو قراها ، أو حتى مخيماتها ، فإن الله قد مَن عليك بخيرٌ وفير ، ورزقٌ كثير ، أمن وأمان ، راحة واستجمام ، مناظر خلابة ، حدائق خضراء ، منتزهات كبار وأطفال ، لن تعد ترى خطف أو اختطاف ، حرق أو تدمير ، اقتحامات واغتيالات.
فالكل يصطحب أسرته وأحبابه ويمضوا بنزهات يومية ، يتسامرون على الحدائق المعلقة علي قمم الجبال ، والفردوس الفرزدقى خلاب الجمال ، وراحة بال واطمئنان .
هذه هي فلسطيننا بعد المخاض ، لا يعكر صفو نعيمها سوي أبنائها المغتربين الذين يتهافتون عليها بالآلاف يوميا ، كلاً يمزق جواز سفره على بوابتها حتى لا يضطر لمغادرتها مرة أخرى ، ولن يكتمل حلمنا وحلمهم سوى باحتضان أخر مغترب يعود لنا ويقبل طُهر ترابنا .
من منا لا يعرف فلسطين الآن ... ومن يفكر بالذهاب للبحث عن مكاتب الهجرة كما كانت الأيام في الزمن الغابر ، زمن القتل على الهوية الحزبية ، والحرق والاختطاف ، زمن حرق الجامعات ومداهمتها ، وسرقة الأراضي ولقمة الفقراء ، زمن الحصار والجوع ، والتجارة بالشعار .... استبشروا خيراً فالوطن بخير.