صباح حزين استفاق عليه الأردنيون أمس، صباح تحسبه عند الوقوف على تفاصيله، ليس صباحا أردنيا، صباح جعل من الأردن يبكي ثلاثة من شبابه الذين ارتقوا شهداء في سبيل الوطن برصاص الغدر والإرهاب، وإصابة خمسة آخرين من مرتباتها أُسعفوا وهم قيد العلاج، هو الوجع بعينه على من ترك حياته وأسرته ومنهم من لم يمض على زفافه سوى أشهر، صباح موجع حفر في قلوبنا آهات نحسب أنها لنا تغادرنا كما لم تغادرنا آهات زرعت على شهداء من سبقوهم.
ليت للوجع ألسنة وحناجر لتحكي ما نشعر به هذه الأيام، كم هو صعب أن نرى من يزعزع أمن الوطن، ويعبث باستقراره، ويستهدف نشامى الأمن العام، ويرفع السلاح بوجه رجال الأمن والمواطنين، في بلد رفع راية السلاح بالعالم كافة، ودافع عن الأمن والأمان في كلّ بقعة من بقاع المعمورة، صعب أن نرى وطننا يزف الشهيد تلو الآخر على يد الإرهاب والغدر، ممن عُميت بصيرتهم أن من يوجّهون السلاح لهم هم أخوتهم وأبنائهم من نشامى الأمن العام.
﴿ وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ ﴾ ارتقت أرواحهم إلى السماء، تحيا بنعيم الجنة، ليبقى على الأرض من ينتهك الإنسانية، والرحمة وينسى واجبه من ذوي القربى، فنحن في الأردن عائلة واحدة، وجسد واحد، ارتقوا حيث رحمة رب العباد وعدله، ليبقى لهم وفيهم سواد قلوبهم، ودموع أمهات وزوجات وأطفال وآباء ستكون لهم جمرات تتساقط على حقدهم حتى تنال منه.
رحم الله شهداء الوطن ممن ارتقوا أمس شهداء، وكل من سبقهم من شهداء المؤسسة العسكرية والأمنية، ندين لهم بما قدموه فداء للوطن، ولم يبخلوا بأرواحهم ليبقى الوطن آمنا والمواطن سالما، وتراب مملكتنا مصانا ينبض، تروي ذرّاته دماءهم لتنبت في يومنا وغدنا ومستقبلنا أيام وسنين المجد والكرامة والأمن والسلام.
لا أدري أين هي قلوب وعقول من "يهون" عليه الوطن، ومن يرفع السلاح بوجه نشامى الأمن العام، حقّا ليت أحدا يخبرنا عن هؤلاء القلّة القليلة الذين يلغون من عقولهم وطنا أعطى ويعطي، وسيعطي، وطن وقف صامدا محاربا لكل من حاول زعزعة أمنه، وبقي واحة أمن واستقرار وقد عصف بالمنطقة والاقليم وعدد من دول العالم أعاصير الإرهاب، والحروب، فلم تترك أيادي نشامى المؤسسة الأمنية والعسكرية لأي شيء يطال أمن وسلامة المواطنين، فكيف يمكن أن نجد من يسعى لخراب هذا البناء الذي بني بل انتزع بناءه من ظروف دقيقة وحساسة بقيادة حكيمة.
مضى يوم أمس، مضى كغيره من أيام ننزع رقمها من رزنامة أيامنا، لكنه ترك فينا جميعا بكل بيت أردني وقلب كل أردني وجعا وإصرارا على المضي بالتمسك في ثوابتنا بأن لا مكان للإرهاب والغدر على تراب الأردن، وأن تأخذ العدالة مجراها لكل من تجرأ على المساس بأمن وقدسية الأردن، ودماء الشهداء ستبقى لون أيامنا ومسكها، وعنوانها الذين نقرأه كل لحظة حتى ترتاح أرواحهم بتحقيق العدالة.
رحم الله أرواح الشهداء، النقيب غيث قاسم الرحاحلة والملازم /2 معتز موسى النجادا والعريف ابراهيم عاطف الشقارين والذين ارتقوا شهداء في سبيل الوطن برصاص الغدر والإرهاب، عظّم الله أجرك يا وطني، ودعاءنا الخالص لله بالشفاء العالج لزملائهم الخمسة آخرين من مرتباتها الذين أُسعفوا وهم قيد العلاج، وندعو الله أن يحمي الأردن.
(الدستور)