برحيل ليث شبيلات، تنطفىء منارة وطنيّة شامخة ونادرة، ويفقد الأحرار صوتاً ظلّ يجاهر في الحقّ، ويكافح بعناد من أجل خير الإنسان وعزّته وكرامته واستقلاله.
وفي الغياب الأبديّ للمناضلين الأفذاد من نمط أبي فرحان، لا تستوقف المرءَ الهناتُ والشطحاتُ والمواقفُ الحادّة، بل يستشعرون جلال الرحيل، وأثر الفراغ، وعظمة الدور، وأهمية قول (لا) في وجه مَن قالوا (نعم).

الأردنيّون في حزن، وبلادنا في مأتم، وقلوبنا متّشحة بالسواد، فقد غاب الليث في الليلة الظلماء، وما أحوجنا إلى صوته وهديره، فقد كان شجاعاً مقداماً غير هيّاب، وكان العالم في نظرة ذا لونين لا ثالث لهما، فانتصر للبياض وللحق، وعاف إغراءات العيش، فصغرت في عينيه الدنيا، وهذا ما قوّى شكيمته، وعزّز استقامته، وشدّ من تقواها.
الأردن الكبير بأهله وشعبه ظل هدف أبي فرحان، فكرّس حياته من أجل رفعته، وفداه بالغالي والنفيس كيلا يُهان أو يُستضعف. ولم يكن طوال هذه الرحلة المسيّجة بالأشواك ذا

أجندة مشبوهة، ولم يكن تجزيئيّاً، ولم ينبس ببنت كلمة ذات مغازٍ إقليمية أو جغرافية، بل كان وحدويّاً ينبذ كلَّ صوت أجشّ يتفوّه بتلك الرذائل والذمامات.

لروحك النور، أيها الليث، وإن عشتَ فعشْ حرّاً، أو مُت كالاشجار وقوفاً".