لم يمضِ وقت طويل قبل ان يعلن الامن العام عن قتل المشتبه به بقتل الشهيد عبد الرزاق الدلابيح صباح امس واعتقال ثمانية أشخاص خلال مداهمة لمكان تواجدهم، عملية ملاحقة وثأر من قاتل الشهيد ومن معه ورسالة بأن يد الدولة قادرة على الوصول إلى المجرمين.
ولم يكن غريبا ان يكون القاتل المقتول من حملة الفكر التكفيري والمتطرفين، فعملية القتل كانت معالم الاحتراف واضحة فيها، وايضا لان الاردني لن يقدم على قتل اردني لخلاف حول قرار اقتصادي او خلاف سياسي او تقييم لاداء حكومة .
والمؤشر الآخر ان نشاط هذه المجموعات الإرهابية المتطرفة قابل للعودة والتجدد اذا وجدوا بيئة مناسبة، فالاردني لايرفع سلاحا للتعبير عن رأيه إلا اذا كان من هذه الفئات التي لا يعنيها الاردن ولا الناس ولا الأسعار، فهؤلاء ينطلقون من دوافع لا تؤمن بالأردن ولا الدولة ولا يرون في الاردنيين بمن فيهم من يعتصم او لا يعتصم إلا كفرة خارجين عن الدين، لكن عدوهم الأول هم رجال الامن والجيش ،وغايتهم إشعال نيران الفتنة في البلد والايقاع بين الدولة والعشائر وإدخال الاردن في فوضى سياسية وأمنية.
وربما كانت هذه المجموعات المتطرفة تتمنى ان يكون الشهداء من الطرفين الامن والناس لندخل في دوامة داخلية ثمنها ندفعه جميعا .
إعلان الامن العام عن هوية المجرم السياسية والفكرية يؤكد وعي الاردنيين مهما كان موقفهم من أي قرار او إجراء حكومي، لكنه في نفس الوقت يحملنا جميعا مسؤلية إغلاق الابواب أمام هؤلاء المتطرفين وكل من يتمنى دفع الاردن إلى الفوضى، وان نذهب إلى حل اي خلاف وإدارة اي مطالبات بالهدوء والحوار ضمن السياق الديمقراطي وما كفله الدستور للجميع .
سواء كان المجرم المقتول من داعش او القاعدة او أي تنظيم فما يعنينا هو مضمونه الذي يجعله يقتل الأبرياء والناس اعتقادا منه انه يتقرب إلى الله، وما يعنينا أيضا ان هناك من يفكر لهذا القاتل ويحرضه ليشتغل حالة التوتر التي كانت ليمارس فكره المتطرف ويحاول دفع الاردن إلى ما هو أبعد من مطالبات معيشية او احتجاج على قرار اقتصادي .
رحم الله شهداء الأمن العام وكتب العافية للجرحى، ودائما سنحتاج إلى مخزون الوعي الذي لم يخذلنا في كل المراحل الصعبة ..