الكثير من الناس لا يعرفون معنى كلمة «الطنطورة»، وهم معذورون، فالكلمة غير متداولة وهناك من يسعى الى ابقائها في خانة النسيان او مساحات العتمة ولكن لماذا؟ وما معنى كلمة «الطنطورة"؟، فهل هي مصطلح سياسي ام ماذا؟.
الطنطورة هي قرية فلسطينية ساحلية تقع الي الجنوب من مدينة حيفا، جرى ابادة اهلها من قبل لواء الإسكندروني، وهو واحد من عشرات الالوية الارهابية التي أنشأتها الهاغاناه، وهذه المجزرة ارتكبت بعد ايام من اعلان ما يسمى دولة اسرائيل عام 1948.
مجزرة الطنطورة التى راح ضحيتها اكثر من ثلاثمئة انسان فلسطيني اعزل بقيت طي الكتمان والنسيان على مدى عقود طويلة الى ان تم نبش قصتها على يد الباحث الاسرائيلي (تيدي كاتس) في عام 1998 من خلال بحثه العلمي والموثق لنيل شهادة الماجستير من جامعة حيفا حيث قادته معلومات سمعها وبالمصادفة من بعض عرب حيفا عن الطنطورة الى البحث العلمي بشان تلك القرية ومصيرها، بعدها وضع كاتس القرية في سجله البحثي وتحديدا بخصوص الاجابة على السؤال الكبير (اين هي هذه القرية وماذا جرى لها)؟ بعد ذلك اعد كاتس عقله وقلبه كانسان حر من اجل الحصول على الاجابات على تلك الاسئلة الصعبة والمحرمة في مجتمع عنصري، ورغم ذلك بدا العمل معتمدا على وثائق أرشيفية، وتغطيات لصحف اسرائيلية مثل معاريف تعود لتلك الفترة واعد خطته البحثية معتمدا مقابلات أجراها مع 250 شخصية اسرائيلية منها من استوطن الطنطورة بعد المجزرة ومنها بعض الارهابيين من لواء «الإسكندروني» المرتكب عناصره للمجزرة، وجد كاتس وبحكم البحث وليس التقصد او التعمد الايدلوجي أن الجنود الاسرائليين من لواء الاسكندروني قد ارتكبوا حينها جرائم حرب بشعة وقتلوا سكان القرية العزل بدم بارد وقاموا بدفنهم في مقبرة جماعية تم اخفاء ملامحها بالكامل وهي الان وحسب الفيلم الوثائقي مجرد موقف واسع للسيارات على شاطئ القرية التى باتت تسمى اليوم «نحوشليم».
دفع تيدي كاتس بسبب هذا التعقب العلمي ثمنا باهظا وتم التضييق على حياته من كافة المناحي مما تسبب باصابته بجلطة دماغية افقدته القدرة على الحركة واضطراره لاستخدام كرسي كهربائي للتنقل والحركة.
ويقول كاتس في احدى مقابلته الصحفية (لم يكن الكشف عن مجزرة الطنطورة بالأمر السهل على كل حال ولو قيض لي أن أكتب كتاباً جديداً فسوف يكون موضوعه عن مجزرة الطنطورة أيضاً, ولكن هذه المرة سأكتب عن تجربتي الشخصية وما تعرضت له بعد العام 2000 في المحاكم وفي الجامعة و محاولات التعتيم الإعلامي على بحثي, سأكتب عن العالم الغريب الذي يلف الفضاء الأكاديمي الإسرائيلي. والطريقة التي حذف فيها اسمي من قوائم الحاصلين على درجة الماجستير رغم تفوقي بنسبة 97%)، هنا استطيع القول وبكل ثقة ان هذا الكيان المصطنع بات يفقد ابسط مواصفات الدولة، فهو مجرد دولة لعصابة من القتلة لا حقوق انسان فيها ولا حرية عامة واليوم نكتشف ان حرية البحث العلمي المجرد غير موجود ومسيس) انتهى النص.
اليوم وبعد مرور 24 عاما على محاولات اغتيال بحث «تيدي كاتس» وبعد قيام ألون شوارتس بمغامرة اخراج فيلم «الطنطورة» الوثائقي نكتشف مدى هشاشة هذا الكيان الذي يرعبه ماضيه تماماً كما يرعبه مستقبله.
هذا الفيلم الذي يعرض حاليا في رام الله وسيعرض في اماكن اخرى بالعالم يثبت عدة حقائق كما يفرض في الوقت ذاته عدة واجبات يجب القيام بها:
• أول تلك الحقائق: دولة الاحتلال هي دولة اجرامية ارتكبت وبالتوثيق التاريخي جرائم تطهير قومي وابادة وهي مثبتة لدينا في المكتبة الوطنية الاردنية ويصل عدد هذه الجرائم الى اكثر من تسعين جريمة حرب.
• وثاني تلك الحقائق: أن دولة الاحتلال ووفق الفيلم لاتؤمن بالسلام وان مؤسس تلك الدولة بن غوريون كان يحض على ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين لكنه كان يمارس ذلك بتوجيهات شفوية ولكي لا يسجل على نفسه ان تلك المجازر ارتكبت بقرار رسمي منه ومنها الطنطورة.
أما ما هو مفروض القيام به وعلى اثر اسرار ما وقع في «الطنطورة» فهو ما يلي:
أولاً: فتح هذا الملف ببعده القانوني ومحاسبة الاحتلال عليه اردنيا وفلسطينيا وعلى المستويات الرسمية.
ثانياً: القيام بحملة إعلامية واسعة لفضح هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الصهيونية منذ تأسيس الكيان، شعارها «وماذا عن الهولكوست الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني»؟
Rajatalab5@gmail.com
الرأي