هناك صحوة مالية في معظم دول أوروبا الغربية، فقد تبين أخيراً أن هذه الدول لا تختلف كثيراً عن اليونان في أوضاعها المالية، فالعجز كبير وفي تزايد، والمديونية ثقيلة وفي تصاعد.
في بريطانيا حكومة جديدة قررت شد الأحزمة على البطون بدءاً بنفسها، وتجيء موازنة السنة الجديدة لترجمة هذا التقشف إلى أرقام من شأنها أن تعيد بريطانيا من حافة الإفلاس الذي يهددها.
برنامج التقشف البريطاني موزع على أربع سنوات، ويقوده وزير مالية يمكن أن تطلق عليه وصف البلدوزر. وهو لا يقف كثيراً أمام الانتقادات والاعتراضات التي تدّعي أن إجراءات التقشف المالي بهذا المستوى تصل إلى حد يهدد النسيج الاجتماعي.
تعطي مجلة (تايم) نماذج من التخفيضات المقررة في الموازنة البريطانية فتقول: إن نفقات الدفاع ستخفض بنسبة 8%، ونفقات الإسكان بنسبة 60%، والمخصصات البيئية بنسبة 29%، والشؤون الفنية بنسبة 30%.
تضيف المعلومات أن حوالي نصف مليون من موظفي الحكومة ومؤسساتها سوف يفقدون وظائفهم، فالمطلوب حكومة رشيقة، ليس كشعار سبقناهم إليه، بل كحقيقة موجعة.
أما النفقات المتكررة لدوائر الدولة فسوف تخفض بنسبة 19%، و طلب من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن تقدم خدماتها بمخصصات أقل.
انتهى الكلام عن سياسية الموازنة العامة في بريطانيا، فماذا عن سياسة ومرتكزات الموازنة العامة الأردنية لسنة 2011 التي كانت شبه جاهزة في مطلع تموز الماضي ثم وضعت تحت بند الانتظار للسماع لاجتهادات مختلف الجهات التي قد يكون لديها أولويات أخرى.
هذه الاجتهادات تعني بطبيعة الحال زيادة النفقات الرأسمالية، فهناك مطالب، علماً بأن الموازنة نفسها، وقبل تلبية أية مطالب إضافية، ليست تقشفية، بل تسمح بنفقات رأسمالية تناهز مليار دينار ممولة بالديون.
يقال أن الإنفاق العام يحفز النمو الاقتصادي. والحقيقة أن تخفيض عجز الموازنة وضبط المديونية في الحدود الآمنة، هو الذي يوفر ثقة المستثمرين ويولد النمو الحقيقي.
مطلوب منا أن نستوعب الدرس الأوروبي، وأن نتوسع في كل شيء باستثناء الموازنة والنفقات العامة والمديونية، فالعاقل من اتعظ بغيره.
(الرأي)