ماذا تساوي الحياة كلها أمام قطرة دم تسفك ظلما وكفرا؟ وماذا تساوي كل آبار النفط أمام فجيعة أم بولدها ويتم طفل فجع بفراق والده وخدش أمن وطن بأكمله؟ إن اليد الصفراء المرتجفة التي امتدت لتغتال برصاصة عمياء واحدا من أبناء الوطن لهي يد سوداء غادرة.
إن استشهاد العقيد عبد الرزاق الدلابيح يؤشر على نفوس مشوهة لا تعرف إلا الخراب والتدمير، أصحابها يعيشون بيننا ويتربصون بأمننا واستقرارنا الذي أنعم الله علينا به، وحماه آباؤنا بأرواحهم.
ما حدث في الأردن خلال الأيام الماضية أثبت من جديد أن الاردنيين متمسكون بوطنهم وقيادتهم تعاضدوا حماية لهذا الوطن رافضين كل أشكال الخراب الذي أسقط دولا عديدة حولنا وشرد شعوبا في أصقاع الأرض بحثا عن الأمان وكسرة الخبز.
إن استهداف رجال الأمن يعد في قاموس الأردنيين جريمة كبرى، لأن هؤلاء الرجال يحمون وطنهم بأرواحهم وصدورهم حاملين أرواحهم على أكفهم من أجل أن ينام الناس ويصحون على أمن وأمان.
رأس مال الأردن هو أمنه الذي يحرسه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ثم صدقوا وطنهم فهل يكون جزاؤهم غدرهم وسفك دمائهم؟ أولئك الذي خرجوا على القانون وعاثوا فسادا في المدن والقرى، ترى ماذا كان يدور في رؤوسهم الخربة عندما صوبوا رصاصهم المجنون على أبرياء همهم حماية الناس. كلنا نعرف صعوبة الأوضاع التي يمر بها الاقتصاد الوطني، وأن الدولة ممثلة بالحكومة قدمت كل ما تستطيع واشتبكت مع هؤلاء بحوار حضاري إلا أن البعض أصر على غيه، وتناسى أن الظرف الاقتصادي الصعب هذا خارج عن السيطرة، ولو اهتزت الدولة لا سمح الله، فماذا سيكون مصيرنا؟ ساعتها ستأتي الفتنة على كل شيء، ويندم الجميع أي ندم.
الملك يجوب العالم طولا وعرضا باحثا عن فرص تستطيع إخراج الاقتصاد من صعوباته، وهو يسوق الأردن برأس مالنا في الأمن والاستقرار، فيأتي نفر خارج عن الدين والخلق والوطنية يحاول هدم كل ما بناه الملك في ساعة واحدة.
لقد قدمت الحكومة بتوجيه من الملك كل ما يمكنها تقديمه للتسهيل على الناس، وجعلهم يواجهون الأوضاع المعيشية الصعبة، ولكن كما أشرت يأبى البعض إلا أن ينصاعوا إلى مشاريعهم المشبوهة في استهداف الاستقرار الوطني بحجة مطالب حققتها الدولة لهم.
ألم يفكر هؤلاء قبل أن يقوموا بفعلتهم البشعة أن النار لو اشتعلت لا قدر الله تعالى، لن تبقي لهم شيئا يطالبون به؟
إن دماء الشهيد الدلابيح ستظل في رقاب هؤلاء، وستظل جريمتهم تطاردهم مدى الحياة، وستبقى الأجيال تلعنهم جيلا بعد جيل، وستظل دموع أم الشهيد وفاجعة أبنائه تطاردهم في ضمائرهم إن كان لهم ضمائر كباقي البشر.
الظروف الصعبة التي تعصف بالعالم كله، لم يسلم أحد من رياحها الساخنة، فقلبت كل شيء واستهدفت كل الاقتصاديات على مستوى دول كبيرة، ولنحمد الله عز وجل أن حصتنا من هذه العواصف جاءت على على هذه الدرجة فقط التي لو تعاضدنا وعذرنا بعضنا بعضا سنتجاوزها بعون الله.
إن الاحتراب والتخريب لن يزيد الظرف إلا تعقيدا..
اليوم تقع المسؤولية على الجميع في تجاوز المحنة، فلا مجال للتنظير والشماتة، فليتوقف البعض عن الكلام الذي لا فائدة منه وليتوقفوا عن التحريض، متدثرين زورا بالمصلحة الوطنية، فالأردنيون لن يكونوا يوما كالذين يخربون بيوتهم بأيديهم.
هم يهتفون "للديزل" ولأحلامهم المشبوهة وطنيا ونحن سنظل نهتف للدم الطهور وللوطن والدولةبعد الله العظيم..