التقط الغرب الامريكي اشارة العملية العسكرية الروسية مبكرا حتى قبل توجهها تجاه الاراضي الاوكرانية ، و حللوا ما لديهم من معلومات لوجستية حولها ، و قرروا اعتراضها عبر تكديس السلاح الحديث الذي يمتلكونه ، ومن خلال الدفع بالمال الاسود الوفير بدلا من استيعاب المظلمة الروسية و الشرق والجنوب اوكرانية التي امتدت لاكثر من ثماني سنوات متواصلة و التي راح ضحيتها اكثر من 14 الف قتيل و مشرد ، و عوضا عن البحث لمخارج لها عبر القنوات الدبلومسية ، نصبوا العداء لروسيا من دون ان يجتهدوا في فهم العقلية السياسية الروسية و العقيدة العسكرية كذلك ، و ساندوا نظام ( كييف ) المحسوب على التيار البنديري القادمة جذوره من عمق العهد الهتلري في الحرب العالمية الثانية ،و على فصائل " أزوف " المتطرفة كذلك ، و شكلوا جبهة واحدة معادية بقيادة حلف ( الناتو ) للانقضاض على روسيا الاتحادية بالوكالة من خلال استنزافها من الخارج و من الداخل ، و لفرض شروطهم عليها ، و لاجهاض نصرها الحتمي ،وهي القطب و الدولة العظمى التي لا تقبل بأقل من النصر ، و تاريخها حافل بالانتصارات على نابليون بونابارات و ادولف هتلر ، ومع هذا و ذاك كانت روسيا تعتقد بأنها ماضية الى عملية خاصة سريعة لا تحتاج لزمن طويل ، لكن الغرب كان لها بالمرصاد ،و لو اقتصرت على ( كييف ) لحسمت منذ وقت سابق ،و لا مجال لمقارنة التوازن العسكري في مجالها ، دولة عظمى قررت تحرير شرق و جنوب اوكراني جار لها تعرض لمظلمة انسانية غير مقبولة اصابت المكون الروسي و الاوكراني معا .
ولقد شجع الغرب القيادة الاوكرانية بعد انقلاب عام 2014 على رفض الحوار مع موسكو ، و اغروهم بدخول حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا بهدف اعادة سيادتهم على ارضهم ، و لتهديد امن روسيا ضاربين عصفورين بحجر واحد ، ففقدت ( كييف ) و معها الغرب المساند لها استراتيجية اقليم ( القرم ) اولا حيث يرسو الاسطول البحري الروسي النووي في المياه السوداء عبر خطوة جريئة اتخذتها موسكو بالتعاون مع سكان الاقليم بعد توجههم لصناديق الاقتراع و بأقبال مرتفع قل نظيره ،و قابله الغرب و في مقدمته امريكا بالاحتجاج و المطالبة بتوسيع قاعدة الاقتراع لتشمل كل اوكرانيا لهدف الوصول لنسبة اقتراع متدنية ، ونجحت روسيا بالرد الفوري على انقلاب ( كييف ) المبرمج بضم اقليم ( القرم ) ، و الذهاب لضم اربعة اقاليم اخرى عبر صناديق الاقتراع و الرقابة الدولية في خطوة يصعب تصنيفها على انها احتلال ، و انما استباقية ، تحريرية ، دفاعية لم يستوعبها الغرب ، وهكذا كبرت حجم الخسارة امام نظام غرب اوكرانيا و الغرب ايضا بخسران ( لوغانسك ، و دونيتسك " الدونباس ، و زاباروجا ، و جانب من خيرسون ) و ربحتهم روسيا تحت سيادتها ، و ابعدت الهيمنة الغربية – الامريكية عنهم ، و حققت روسيا نجاحا كبيرا و انقذت شعوب شرق و غرب اوكرانيا البالغ تعدادهم نحو سبعة ملايين نسمة .
ولقد انكشفت مؤامرة الغرب على روسيا عبر اشعال النيران بأوكرانيا ، و قالها الرئيس بوتين موجها كلامه للغرب لقد حولتم الشعب الاوكراني لوقود لمواجهة روسيا ، فلقد رفض الاوكران شرقا و جنوبا اليهمنة الغربية ، و يساندهم حاليا 10% من مواطني غرب اوكرانيا ، ولم يصل الغرب لنتيجة حميدة جراء تحريك الفتن و الثورات البرتقالية و انقلاب اوكرانيا ، و توسعت السيادة الروسية ، و وانكشف زيف الادعاء الغربي بالدفاع عن سيادة اوكرانيا في زمن بحثوا فيه عن ادامة الحرب الباردة و سعير سباق التسلح ، و نشر المراكز البيولوجية المؤذية لشعوب المنطقة السلافية ،و انتاج القنابل النووية ومنها المخفضة ، وكلنا نعرف بأن من يقود الولايات المتحدة الامريكية هم تجار السلاح و حيتان المال ،و صهيونية مؤسسة " الايباك " ، و لقد احرج مواطني الشرق و الجنوب الاوكراني ( كييف ) ، و عواصم الغرب عندما استنجدوا بروسيا و ليس بهم لتحريرهم من عنصرية البنادرة و أزوف .
و امريكا بالذات الصانعة لعملتها " الدولار " من دون الارتكاز على مصادر طبيعية كافية ، هي من ورطت خزائن الغرب بمبالغ مالية مرتفعة لاسناد نيران اوكرانيا و بحجم وصل الى مائة مليار دولار، و نسيت امريكا بأن كتاب " رأس المال " لكارل ماركس و فريدريخ انجلز هو من انقذ ازمتها الاقتصادية عام 2019 ، ومن قتل و شرد في ارض المعارك الجارية حتى الساعة منذ اندلاع العملية الحرب ارقابهم خطايا في رقاب الغرب مجتمعا ، و لم تستهدف روسيا في المقابل في حربها السكان الاوكران الامنين ،و انما استهدفت التيارات المتطرفة وسطهم و التي تقدمتها البنديرية و أزوف ، و تعمل روسيا على اعادة البناء في منطقة " ماريوبل " بينما الحرب مستمرة حتى تحرير اخر شبر يتبع سيادة روسيا - الخط الاحمر . و روسيا ذاهبة لفرض سلام الامر الواقع بوجه " كييف " و الغرب ، بمعنى لا رجعة عن الاقاليم التي حررتها و هي باقية ضمن السيادة الروسية الى الابد .و الملاحظ هو خسران الغرب للحرب و للدبلوماسية معا ، و استغرب هنا من خول الغرب لكي يدفع بسلاحه الى الاراضي الاوكرانية بقصد محاربة روسيا التي لا تهزم هناك ؟
و الواضح بأن الغرب المتحضر استند على اتفاقية ( جنيف ) لعام 1949 التاريخية و التي نصت على حماية حقوق الانسان الاساسية في حالة الحرب ، و عرفت الاحتلال بأنه الذي يأتي بقوة السلاح ، وغاب عن الغرب الطريقة الروسية التي تستجيب للأغاثة و تدعو الجهة المستغيثة للتوجه لصناديق الاقتراع و تحت رقابة دولية تلغي صفة الاحتلال عن التدخل الخارجي في شأن دولة أخرى ، و هو الذي حدث مع ضم روسيا الاتحادية للاقاليم الخمسة الاوكرانية بسبب تطاول العاصمة ( كييف ) على سكانهم الاصليين ومنهم الاوكران الى جانب الروس ، و طلبهم النجدة من روسيا جارة التاريخ و ليس من الغرب صاحب الاهداف ذات العلاقة بالحرب الباردة و سباق التسلح و الاستنزاف ، و ما خطط له الغرب وقع فيه ، و انقلب السحر على الساحر ،و الطاولة فوق رؤوسهم ، و خسروا الرهان ، و يرفضون الاستسلام خوفا على صورتهم الذهنية امام دول العالم ، ويصعب تصور انتصار على روسيا بالسلاح الغربي التقليدي الحديث ، وليس لروسيا ما تصنعه الان غير السلاح الرادع الحديث ، وأية حرب روسية مع ( الناتو ) لاقدر الله ، لن تكون الا نووية مدمرة للحضارات ، وهو الذي لا اتمناه ، و تصريح جديد للرئيس بوتين افصح فيه عن قدرة روسيا على اخفاء اية دولة عن وجه الارض لو سمحت لنفسها الاعتداء عليها نوويا ، و تأكيد لدميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي بأن روسيا تجهز لسلاح رادع أكثر تدميرا على مستوى العالم . و الرئيس بوتين يلغي مؤتمره الصحفي و الاعلامي الواسع هذا العام بسبب انشغاله بأسدال الستارة عن العملية الحرب عبر مساري السلاح و الدبلوماسية و بشروط موسكو – سلام الامر الواقع ، بمعنى توقيع سلام يتجاوز ضم الاقاليم ،وهي حالة نصر لا خسران .