ماذا نريد .. بيت مهدوم وخزينة فارغة؟
محمد حسن التل
14-12-2022 07:15 PM
جميعنا يعلم أن الاقتصاد الوطني لدينا يمر بظروف صعبة ومعقدة لأسباب خارجة عن الإرادة ، وكلها جاءت بتأثيرات خارجية لا يمكن السيطرة عليها، وتحمل الأردن كل الارتدادات التي جاءت نتيجة لأحداث عظيمة عصفت بالمنطقة والعالم خلال العقد الأخير ، وقد انهارت دول وسادتها الفوضى وغرقت بدماء أهلها الذين ندموا يوم لا ينفع الندم عندما أصغوا آذانهم للذين أرادوا لهم وببلادهم سوءا ، ناهيك عن وباء كورونا الذي اهتزت له أكبر اقتصاديات العالم وأضخمها وترنحت تحت وطأته وتجاوزت معدلات التضخم لديها أعلى المستويات ، وسط كل هذه العواصف ظل الأردن واقفا رغم ضيق الحال وندرة الموارد وملايين اللاجئين فظل المواطن الأردني يتمتع بحياة كريمة وأمن يحسده عليه الكثيرون ، وكلنا نعلم تماما أن أبواب المساعدات أغلقت بوجه الأردن تماما في الوقت الذي تزداد العواصف العالمية شراسة في مقدمتها حرب روسيا مع أوكرانيا التي جعلت دول أوروبية ذات اقتصاديات عملاقة تعاني من صعوبة الحال حتى وصل بها الأمر إلى تقنين الماء والكهرباء على مواطنيها لأول مرة في التاريخ .
نحن في الأردن رغم كل الصعوبات ظل المواطن يتمتع بكل امتيازاته ولم يشعر يوما انه سيعاني لا سمح الله تعالى من قطع الكهرباء أو الماء أو فقدان طعام أو دواء .. لا أحد ينكر أن أسعار المشتقات النفطية أصبحت تشكل عبئا على الناس ولكنها في المقابل أيضا باتت عبئا على خزينة الدولة وأسعارها في العالم كسرت كل السقوف نتيجة كما أشرت إلى الظروف التي تعصف في العالم .
الحكومة دعمت المحروقات لشهور عديدة وتحملت الميزانية العامة عبئا ثقيلا ولكن إلى متى ستتحمل الخزينة هذا الضغط فهل نريد أن نصل إلى مرحلة نمد يدنا اليها فلا نجد شيئا.
في الأزمة الأخيرة استجابت الحكومة لمطالب أصحاب الشاحنات ورفعت أجور النقل كما رفعت نسبة الدعم المباشر للمواصلات العمومية جميعا قدر المستطاع وأعلنت عن دعم مباشر للمستفيدين من المعونة الوطنية، ولكن لازال البعض يصر على تعقيد الأمور والاستمرار في التصعيد ظانين أن السماء ستمطر على الحكومة ذهبا وفضة حتى تعطيهم ما يريدون .
قضية النقل معقدة وفيها تداخلات كثيرة ومراكز قوى ونفوذ والمشكلة ليست فقط بثمن المحروقات فهناك خلافات كبيرة وكثيرة بين أطراف القطاع نفسه ظهرت بتبادل الاتهامات صراحة في الإعلام .
الجيد في الأمر أن معظم القطاع عاد للعمل إلا نسبة قليلة وفي مناطق محددة ولا نفهم ماذا يريدون فنقول لهولاء "الذي في القدر تخرجه المغرفه" فهذا هو المستطاع الذي يمكن أن يقدم لهم وهذه حدود القدرة الوطنية في هذا الظرف الصعب فيجب أن يضعوا في سلم أولوياتهم أن تعريض أمن البلاد للخطر لا يقبله أحد فعليهم أن يقبلوا الآن بما حصلوا عليه ونتفق جميعا على الحوار لتحسين الأوضاع في المستقبل القريب .
أيهما أفضل لنا جميعا أن نحفظ البيت أو أن نهدمه على رؤوسنا فنندم يوم لا ينفع الندم فما الذي استفدناه من إرباك العمليه التدريسية في البلاد واختلال مسيرة سلاسل التوريد، هل نحب أن نذهب إلى الصيدلية فلا نجد دواء أو نفقد خبز أبناءنا.
هذا وطننا وليس لنا غيره يجب أن نعيش فيه راضين متفاهمين نعمل لمستقبل افضل، أو نهدمه على رؤوسنا والويل لمن يهدم بيته على رأسه..