يفترض جدلاً ان يتحد الوسط الاعلامي والصحفي ضمن بوتقة واحدة للخروج بتعديل مقبول لقانون المطبوعات والنشر الذي سيناقشه مجلس النواب في دورته الحالية.
وهذا الافتراض الجدلي ينطلق بالتأكيد من محور حرص الجميع صحفيين ونوابا على درء المخاطر الكامنة في بعض نصوصه وجلب المنافع الموجودة فيه. والمتتبع لنصوص القانون المعروض على النواب يلحظ ان ثمة ثغرات كبيرة ومثيرة وضعت في ذات القانون من اهمها تلك النصوص الفضفاضة التي قد تربك عمل القاضي فيتضرر الصحفي في ايقاع العقوبة الاشد عليه.
فقد اورد القانون المعدل عقوبات متفاوتة على سبيل المثال في المواد "4" و "7" و "2" وجلها تنص على ضرورة احترام الحريات العامة وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة ، لكن القانون فصل عقوبات متفاوتة لذات الجرم ما قد يضر بالعمل الصحفي والحريات الاعلامية. اضافة لذلك فان اخطر بنود القانون المعدل المعروض على مجلس النواب هي تلك العقوبات المالية المرتفعة جداً ، فاذا كنا نؤيد تغليظها في عقوبة اهانة الشعور الديني فذلك لا يبرر تغليظها في مواد اخرى تمس الحريات الصحفية ، اذ تم رفع العقوبات في معظم المواد من مئة دينار الى خمسة عشر الف دينار وعشرين الف دينار تحت ما يسمى عقوبة "زرع الاحقاد واثارة النعرات وبذر الكراهية" وهي نصوص مطاطة قد تجوز قولبتها على اي مادة صحفية يستنتج منها انها تمس بالمحظورات اعلاه فيحكم على الصحفي بذلك المبلغ الهائل الذي بالكاد لن يستطيع تسديده فيتم اللجوء لاستبدال الغرامة بالحبس وحينها لن تستطيع منظمات حقوق الانسان والحريات الصحفية المطالبة بالافراج عن الصحفي بحكم انه مسجون على ذمة قضايا مالية وليس على ذمة قضايا مطبوعات.
غير ان اللافت هنا هو ان تغليظ العقوبة المالية التي نص عليها القانون الجديد ستذهب كعقوبات جزائية وهي الاموال التي تصب في خزينة الدولة من جراء الحكم على الصحفي وهنا خطورة الموضوع ، فاذا كنا نتفق مع الاحكام التي تصدر على الصحفي كتعويض مدني للاشخاص المتضررين من الكتابة الصحفية فهل من المناسب ان تمتلىء خزائن الدولة على حساب الصحفيين الذين يجتهدون في كتاباتهم. اجزم ان هذه الثغرة مهمة ومهمة جداً ، اذ انه يكفي لاغلاق اي صحيفة صدور حكم او اثنين من العقوبات المنصوص عليها في مخالفة احكام قانون المطبوعات لتتحول الى ذكرى في عالم الصحافة بعد ان يكون مالكها ورئيس تحريرها قد دخلا نفقاً مظلماً من الديون المستحقة للدولة وللافراد اذ ارتفعت الغرامة في هذا البند تحديداً من مئة دينار الى خمسة الاف دينار ستذهب الى خزينة الدولة كما اسلفت كلما صدر حكم نهائي على المطبوعة والصحفي.
يفترض ان نناشد النواب في هذا الأوان لضرورة عدم التراجع عن الحريات الصحفية ومطالبة الحكومة الايفاء بتعهداتها لتقديم قانون مطبوعات عصري يتماشى مع توجهات جلالة الملك نحو اعلام سقفه السماء.. اعلام ذي حرية مسؤولة