سرعة ومصداقية المعلومة جدلية يجب أن تنتهي
نيفين عبد الهادي
14-12-2022 12:33 AM
سرعة المعلومة، مقابل صحتها ومهنيتها، الجدلية الدائمة في كلّ مرة يتم الحديث بها عن تقديم الحقيقة حول موضوع أو قضية ما، إذ نجد من ينادي بسرعة توفير المعلومة، أيّا كان مصدرها، أو مدى مصداقيتها، في ظل تشعّب وتشابك أدوات ومنابر تبادل المعلومات، التي أودت بالمصداقية للأسف لتخبّط لا تُحمد عقباه.
بمجرد بدء الحديث عن أي خبر أو معلومة، وعلى الرغم أن في جانبها الصحيح والمؤكد يكون قد تم الحصول عليه من وسائل الاعلام المهنية، نجد أنفسنا أمام حزمة من الملاحظات التي يصل بعضها للإتهام بالتأخّر في تقديم المعلومات، والتقصير بوضع الشارع بصورة الحدث، ولو كان ذلك على حِساب الحقائق، مما يعيد هذه الوسائل لذات الحلقة المفرغة من جدل بات عقيما بتقديم المصداقية على السرعة أم العكس.
لكل باحث عن المعلومة لغايات المعرفة، والعلم بالشيء حتما عليه أن يبحث عن المصداقية التي لا تتوفر مطلقا من خلال سرعة بث الخبر والمعلومة، إنما تأتي بعد بحث وتمحيص مهني، فالخبر الصحيح من أهم صفاته التأني في البحث إلى حين أخذ المعلومات من أصحاب الاختصاص، دون ذلك لا يمكن بأي صورة أن يطلق عليه صحافة وإعلام ومهنية في تقديم المعلومات، فنفي الخبر من قبل أي وسيلة إعلام يعدّ أهم السقطات المهنية، وبطبيعة الحال سد أبواب النفي يكون من خلال المعلومة الصحيحة وإن كان على حساب الوقت والتأخّر بالاعلان عن الخبر.
لا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا أن كيل الانقادات للإعلام المهني وحرصه على المصداقية، باتت قضية كل فاشل، يصرّ على وضع تبادل المعلومات في ذات الإطار، بتفاضل وسباق بين المعلومة الصحيحة، والوقت، وفي أي مدرسة صحفية اعلامية مهنية لا يُمكن وضعهما في ذات المكان ولا في ذات السياق، وأي أمر خلاف ذلك هو فشل مهني وأخذ الرسالة الصحفية لمكان لا يشبهها، بل يشدّها نحو الخلف آلاف الأميال.
هناك قضايا لا يمكن ادخالها بأي جدل، أو حتى تبريرات وبحث عن الأسباب، أهمها وأبرزها تقديم المهنية على السرعة، هذه مسألة حتمية لا يجب الخوض بصحتها، من عدمه، فالصحيح برسالة الصحافة والاعلام أن تتمتع بالمهنية والمصداقية، وعدم ادخالها بأي مقارنات مع غيرها من وسائل تتسارع لنقل الأكاذيب والاشاعات، وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي، التي تبقى عالما افتراضيا يهدف نشطاؤها للشهرة، غير آبهين ما ينشرون، الأمر الذي يبقي الصحافة والاعلام المهني من صحافة ورقية والكترونية ووكالة الأنباء الأردنية «بترا» ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون، ووسائل الاعلام المرئي والمسموع التي تسعى دوما لنقل الحدث وليس صناعته، ركيزة المعلومة الصحيحة ومرجعية الباحثين عن الحقائق.
(الدستور)