الاعتماد على الذات مبدأ استهدفته الحكومات الأردنية المتعاقبة خلال السنوات القليلة الماضية في سياق مؤشرات تراجع المعونات الخارجية وأهمية إعداد الموازنة العامة للدولة كل عام بدون الاعتماد على المساعدات والاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي.
وكانت هنالك محاولات للوصول الى مرحلة تغطي فيها الايرادات المحلية النفقات العامة الجارية والرأسمالية بدون عجز مالي والتكيف التدريجي مع تراجع المساعدات الخارجية واحتمال توقفها في أي وقت، لكن الظروف المستجدة اقليميا ودوليا وتبعات ارتفاع أسعار النفط حالت دون ذلك بل تراجعت معدلات النمو وتباطأت حركة الاستثمارات وارتفعت معدلات الفقر والبطالة وفي بعض السنوات هبطت مؤشرات العديد من القطاعات بخاصة السياحة والصادرات وغيرها .
العجز المالي واستنادا الى بيانات الموازنة العامة كل عام له ما يبرره في ضوء عدم تغطية الايرادات للنفقات وخاصة الجارية التي تستحوذ على الجانب الأكبر من حجم الانفاق العام ببنوده المختلفة وعلى وجه الخصوص الرواتب والأجور ومخصصات شبكة الأمان الاجتماعي، اضافة الى المبالغ المستحقة لسداد أقساط الديون الداخلية والخارجية وفوائدها .
موازنة التمويل القائمة على الاقتراض لسد العجز المالي و الالتزامات المالية أعلاه توضح مصادر التمويل والاستخدامات التي توجه لتغطية المتطلبات المترتبة على المملكة وهي واجبة الدفع كل عام في ظل العجز المالي .
العام المقبل 2023 واستنادا الى بيانات مشروع الموازنة قدرت الحكومة قيمة التمويل من خلال الاقتراض بأشكال مختلفة بـ 8.776 مليار دينار ويستخدم هذا المبلغ لتسديد العجز وأقساط القروض الخارجية المستحقة واطفاءات الدين الداخلي واطفاء سندات محلية بالدولار وتسديد أقساط قروض محلية بالدولار وسلف وزارة المالية لسلطة المياه و أقساط القروض الداخلية المستحقة على سلطة المياه وقروض معالجة المتأخرات الحكومية .
مصادر التمويل تمثلت في القروض الخارجية لتمويل المشاريع الرأسمالية بقيمة 41.963 مليون دينار ، قروض مؤسسات دولية لدعم الموازنة بحجم 1.07 مليار دينار ، اصدار سندات اليورو بوند 709 ملايي دينار ، قروض داخلية 5.628 مليار دينار واصدارسندات محلية بالدولار 1.325 مليار.
وفقا لمشروع الموازنة ستستخدم تلك القروض في تسديد : عجز الموازنة المقدر أن يبلغ للعام المقبل 1.862 مليار دينار ، 599.588 مليون دينار أقساط القروض الخارجية المستحقة ،248.150 مليون دينار أقساط قروض محلية بالدولار ، 228.9 مليون دينار سلف وزارة المالية لسلطة المياه ،3.5 مليون دينار أقساط القروض الداخلية المستحقة على سلطة المياه ،232.749 مليون دينار أقساط قروض معالجة المتأخرات الحكومية،4.275 مليار دينار اطفاءات الدين الداخلي و 1.325 مليار دينار اطفاء سندات دولارية بالدولار .
بند تعويضات العاملين الذي يشمل الرواتب والأجور ومساهمة الضمان الاجتماعي تبلغ حوالي 4.8 مليار دينار وهي تشكل غلابية النفقات الجارية يضاف اليها المنافع الاجتماعية « المعونة الوطنية والمعالجات الطبية بحوالي 376 مليون دينار « ودعم السلع 277 مليون دينار وغيرها من أوجه الانفاق الجاري . وبالتالي فان الموازنة مثقلة بالنفقات الجارية وذلك على حساب النفقات الرأسمالية التي ما تزال متواضعة ولا تساهم الا بشكل متواضع في تحريك النشاط الاقتصادي وبيئة الأعمال .
الاستثمار ثم الاستثمار هو السبيل لتطوير الوضع الاقتصادي وزيادة الايرادات المحلية الى مستوى على الأقل يغطي الالتزامات المالية المترتبة على المملكة سنويا بما في ذلك عجز الموازنة العامة وتفادي مخاطر توقف المساعدات الخارجية في أي وقت وكل ما يتم من اجراءات تتعلق بضبط الانفاق والغاء الدعم أو اعادة توجيهه للفئات المستهدفة لا يعالج المشاكل المالية في ظل ارتفاع المديونية وأقساطها وفوائدها والنفقات الجارية ومتطلبات الانفاق على البنود الأساسية .
أيام تفصلنا عن تطبيق قانون الاستثمار الجديد وسط حالة من التفاؤل بأن يسهم في زيادة الجاذبية الاسثتمارية للأردن واستقطاب مشاريع بخاصة في القطاعات الاستراتيجية كالطاقة والنقل والصناعة وغيره والقادرة على توفير فرص عمل بأعداد كبيرة .
الدستور