امي غاليتي.. ظلّي الذي ارتحل بالطاعة والرضا، ألوي على وجعٍ وحزن مقيم، تضيق من بعدك اللغة، وتتبعثر الحروف ويختنقُ الكلام.. بين الشقاوة والشقاء، رحْلَتي المطحونة بالمر، كُنتِ جبرها وسندها في ظهر الغيب، مطًمئنٌ عنكً وعليك، وانت الطائعة المصلية القائمة الراكعةً الساجدة، المتصدقة النقية التقية.
الذاكرة الحامدة الشاكرة.. المؤمنة.. رَحَلْتِي واحبابٌ كُثر بالصبر والرضا ، ومثلك لا يحتاج العُمر، وقبلك ذهب من ذهب من اشقاء الروح بالغدر وخائنة البشر ،انعاكم جميعا لوليٍ مقتدر ،استأذن روحك الطاهرة في رحلة جديدة من الشقاء المعمّد بالصبر والحق، وانتِ الجريئة في الحق ، استأذنك يا مفتاح الفرج وامضي ، وانت العارفة اننا كنا في زمن الرشد ، واشتاقك شوق نفسي.
وانت الباقية النامية المقيمة بين الحنايا والضلوع.. اشتاقك مع كل حرف من ذكر الله ، وفي الاذان والصلاة والخشوع، اشتاقك دوما ، في الهواء وفي الاماكن والصور ، وفي شجرات الزيتون المُعمّر الذي اعياه المطر ،،، وحتى في الطب الذي غادر الانسان ، وتاجر وباع واشترى.. وافتقدك كما لم اشعر بالفقد من قبل على كُثر فقدي، افتقدك حد النحيب الذي لا ينتهي ، وحد الوجع والنجع المستوطن في الاسى.. افتقدك في نبضاتي وخطواتي وفي حياتي.
افتقدك في دعواتك ، من سيقول لي بعد اليوم فيي جوف الليل ، الله يكفيك شر اللايذات ، اواااااه يا اماه لو تعلمين كم ترهقني الحياة من بعدك.. ليس في امانينا يا امي ، روحي فداك ولكن القدر محتوم ، افتقدك واشتاقك وانت الحامية الشافعةً بعد الله ورسوله ، انتي في ضيافة الرحمن.. انه العزيز الرحيم الحق.. فطوبى للصالحين يا اصلح من عرفت في الخلق ، اتعب ويأخذني الشتات بعدك في كل درب.. ويبقى وعدي لكي قائما رغم التعب.. لا تقلقي يا امي ، فأن الروح طائعة للحق وما وجب.. وزاهدة في الباطل وما طلب.. انت الشمعة المتقدّه ابدا ودوما في الطريق ، قِري عينًا ، انا وكل من تحبين ويحبون ، صنوان لا يفترقان عالخير ، اماناتك ، وصاياكِ قيد الحفظ والعمل ،،، ليت للشوق موارد من بعدك غير اللقاء يا امااااه.. ربي انها امي الصالحة المصلحة العابدة المتعبدة ، اللهمّ إنّها في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِا فتنة القبر، وعذاب النّار، وأنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر لها وارحمها ، إنّك أنت الغفور الرّحيم.
يرحمك الله يا امي ويرحمنا من بعدك ، فلا رحمة ورضا وتوفيق الا منه وبه وفيه.. وهو ارحم الراحمين..