قبل خمسة عشر عاما كان أحد أصدقائي يبحث عن عروس، لم يكن لديه تحفظات من أي نوع، المهم حلوه ومؤدبة وبنت ناس، وبدأت عمليّة البحث بين الأقارب والجيران وجيران الجيران، وبالطبع في مثل هذه الحالة "بنقطعن النسوان"، صديقي هذا أعياه تعب البحث، إلى أن أرشدته إحدى بنات عمّه إلى فتاة من أجمل ما رأت عينه "والحديث هنا لصديقي" لم يتردد بالذهاب إلى خطبتها هو وأهله حيث أنّ والده يعرف والدها، هذه الفتاة أردنية من أصل فلسطيني وصديقي أردني من أصل أردني.
صديقي تخيل من حسن الاستقبال وكرم الضيافة أن العروس أصبحت قًدَرَه الذي تمنّاه، الى أن صُدِموا بوالد العروس وهو يعتذر لهم بأنّه لا يزوّج بناتَه لأردنيين ..!!!
والسبب والكلام يعود لوالد العروس " ياعمي بكره بترجع البلاد وكيف بدي أشوف بنتي إذا أنا ببلد وهيه ببلد...؟؟!!"
صديقي عاد مصدوما من تِلك الخِطبة، وجهه مخطوفا، يلعن إسرائيل ساعة وأبيها الذي "يحلم" لساعات؛ "إسرائيل طلعتلي بالسحبه وهاظ المخرفن مصدق إنها فلسطين بترجع".
((أعرب الأردن عن رفضه المطلق للتصريحات الأخيرة التي أطلقها مدير مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في نيويورك اندرو ويدلي والتي قال فيها أن على اللاجئين الفلسطينيين أن لا يعيشوا على وهم حق العودة وأن على الدول العربية أن تبحث عن أماكن لهم على أراضيها لتوطينهم فيها))...هذا الخبر أنقله نصّاً حرفيا من عمون والذي جاء ليصدم والد العروس ويؤكد صواب وجهة نظر العريس.
بعد خمسة عشر عاما من تلك القصّة الحزينة تعود تصريحات أندرو ويدلي وكلمات صديقي لترقصا سويّّة رقصة تانغو وأنا أجلس في المقعد الأخير من المسرح، ساعة أبكي على صديقي وساعة على موقفنا الرسمي، وأضحك من والد العروس ومن كلمات أندرو.
"عموما وبعد إثنان وستون عاما لا أعرف على من أضع اللوم"
هذه القصّة من وحي الواقع وأي تشابه بينها وبين قصّة أي واحد منكم فليعتبرها قصّته وليقاضيني أينما شاء.
qusainsour@yahoo.com
*إهداء الى الأديب المبدع محمود الشمايله