اختيار موعد التاسع من شهر تشرين الثاني لانتخاب نواب جدد ، كان ذكياً ، لان الموعد له خصوصية في حياة الناس.
كان يوما دامياً ، تم فيه الاعتداء على امن البلد والناس ، فسقط الناس صرعى ، شهداء وجرحى ، وحين يأتي موعد الانتخابات في ذات اليوم ، فهو تأكيد على ارادة الحياة في هذا الشعب ، الذي لا يسقط ، حتى وان تأذى في تاريخه مراراً عديدة.
هذه المحن اثبتت دوماً ان المؤسسة قوية ، ولا يمكن تفكيكها بعد هزة او ضربة غاشمة ، في ليل غدر او خيانة او تطاول ، وان هناك شعبا متماسكاً.
المفارقة التي يجب ان تقال ان الخشونة الانتخابية ، والعنف الاجتماعي الذي يتبدى بين وقت واخر ، يتناسيان ان علينا ان لا نسمح بتفجيرات اخرى من الداخل ، على يد مرشحين وانصار مرشحين.
كل هذه القصص التي نسمعها مخجلة من حرق مقار مرشحين الى تمزيق يافطات ، الى اطلاق نيران ، والذين يريدون تحويل الانتخابات الى موسم للمشادات ، ويوم الفرز الى يوم للاقتتال عليهم ان يخجلوا ، لان جرح امن البلد جريمة كبيرة ، وليس حقا لهم.
موعد التاسع من تشرين الثاني ، موعد يجب ان يتجلى فيه الرد على التخريب وعلى الظلاميين والارهاب ، ولا يكون ذلك الا بممارسات راشدة خلال التصويت وعند الفرز ، لتأكيد انموذج يقول اننا نفهم المخاطر ، ولا نسمح بتسللها بيد الخارج او الداخل.
ليس من حق احد ان يقودنا الى ايام سيئة ، لان العنف الانتخابي يمس امن البلد ، ولانه يخدم الذين فجروا عمان ، ولانه يثبت ان من السهل ان يعيد الظلام انتاج نفسه ، عبرنا ، واذ غاب الموت ، نقوم نحن باعادة صناعته ، عبر حوادث اجتماعية هنا وهناك.
قضايا كثيرة يمكن التسامح بشأنها اما امن البلد فلا يمكن التسامح مع تفاصيله ، لانك حين تتأمل الخراب من حولك وحواليك ، في دول غنية وفقيرة ، تكتشف ان الامن والاستقرار ، لا يمكن التفريط بهما تحت اي عنوان.
يقال ان البلد تغير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وان هناك سلبيات كثيرة ، ومشاكل ، غير ان كل هذا الكلام لايعني ان نسمح بمس امن البلد واستقراره ، من جانب افراد او مجموعات ، فالاستقرار يعني استقرارك انت وبيتك واهلك ، ويعني حياة آمنة.
موعد التاسع من الشهر المقبل ، موعد ذكي ، فيه تأكيد على ان الاردن لم يكن صدفة تاريخية ، وان ارادة شعبه بالثبات والحياة ، لايمكن كسرهما ، وان واجب كل واحد فينا ان يرفع معنوياته قليلا ، وان نذهب الى صناديق الاقتراع للتصويت.
اذا كانت المجالس النيابية احبطت الناس ، فان الغياب عن التصويت ايضاً يقترب من شهادة الزور لانك تترك الصندوق لمن يصوت نيابة عنك وعنه ، وترك الشهادة لا يختلف عن شهادة الزور في حالات كثيرة.
كل واحد عليه ان يتذكر سكاكين الغدر التي طعنت ظهر البلد ذات يوم ، وان لا نستغرق في سلوك مشابه ، عبر العنف الانتخابي ، والتورط في مشادات وعنف وكأن الواحد اصبح مندوباً محلياً لتنظيمات تريد تخريب البلد ، خصوصا ، من زاوية تطابق المواعيد.
حولنا دول تعوم على بحار النفط ، غير ان من فيها يتمنون لو انهم افقر اهل الدنيا ، مقابل ان لا تأتيهم رصاصة ، ولا يتم تفجير حافلات اطفالهم ، ولا قطع اعناق الناس على الهوية او الدين او العرق او المنبت.
النعمة التي يعيشها البلد المحاط بدول متفجرة ، لا يقدرها بعضنا ، وليس من الحكمة ان يقدرها بعد فوات الاوان ، لان شعورك بعدم الخوف لا يقدر بمال ولا ثمن ، ولا جريمة كالشراكة بحسن نية او سوء نية في مس هذا الاستقرار ، حتى تحت عنوان الانتخابات ، او الخلافات الفردية او العائلية.
امن البلد ، واستقراره ليس مسؤولية المؤسسة العامة فقط ، والجميع شركاء ، بالفعل وليس الكلام.
mtair@addustour.com.jo
الدستور