أحوس وألوص.. عندما يطلب منّي صورة شخصية لتثبيتها مع كل معاملة حكومية أو بطاقة اشتراك أو عضوية جديدة...
في إحصائية سهلة وجدت اني دخلت استديو التصوير 3 مرات في حياتي. أولها كان بغرض التقدم لامتحان التوجيهي..تصوّرت بشعر منفوش وشعيرات خجولة متفرقة «مشروع شوارب» فوق شفتي ، و»حنجرة» نافرة (بعد موجة مراهقة عصيبة) ورقبة طويلة «مثل ديك النّور» وقميص كروهات ابيض وأسود . بقيت اسحب عن هذه الصورة لجميع المعاملات المطلوبة: الهوية الجامعية ، بطاقة المكتبة ، نادي الحوار والفكر ،العلاقات العاطفية ، هوية الأحوال المدنية ، الى أن تخرّجت من الجامعة...
قبل حفلة التخرج..تصورت بالروب الجامعي ليدرج اسمي وصورتي في الكتاب السنوي ..كانت الصورة أكثر تشذيباً ؛ شعر مصفف،وشوارب مكتملة تقريباً،وحنجرة متعقّلة ،ورقبة تسترها ربطة عنق حمراء منقطة وقميص أخضر فسفوري..أيضا استغلّيت هذه الصورة أيما استغلال؛ جواز سفر ، حسن سلوك،براءة ذمة وضمير، خلو أمراض، ديوان خدمة، رخصة قيادة ،بطاقة عمل اماراتية ،تأمين صحي، رابطة الكتاب الأردنيين ،جريدة الرأي، وبقيت أسحب عنها الى ان مات صاحب الاستديو.
قبل سنتين كانت الثالثة، تصوّرت في استديو متواضع لا ازدحام أو ديكور فيه ،أنا أكره عملية التحضير قبل ان يبرق بوجهي ذلك الضوء الفضي المسمى «فلاش» ..المهم أجلسني الرجل على كرسي في استديو التصوير ، أمال رأسي بزاوية محددة : لا ترمش لا تغمض لا تحكّ لا تبلع ريقك.ابق مركّزاً نظرك على اصبعي الابهام ..قلت له: تأمر..
ولأنني غير مطيع حتى لو كان الأمر في مصلحتي ، فقد رمشت وأغمضت عين وحككت وجهي وبلعت ريقي...فخرجت صورتي تشبه صورة «الضفدع كامل»..أعادها ثانية وثالثة حتى «زبطت»..وعند استلامي للصورة، وجدت في خلفية الصورة رسمة «لميكي ماوس»..قلت له يا رجل..حرام عليك..أنا كاتب صحفي ويطلب مني أحياناً صورة محترمة للمواقع والصحف..كيف أعطيهم صورة بهذه الخلفية .. لم يقصر الرجل ادخل الصورة على الكمبيوتر...واختار خلفية جاهزة من الجهاز..عبارة عن مكتبة محشوة بالمراجع والمجلدات والمؤلفات الثقيلة...وفعلاً ما زلت استخدمها وتستخدمها معظم «المواقع الاليكترونية» الى اليوم..
أثناء «صرمحتي» في عمان..وجدت بعض المرشحين ،قد فعلوا مثلي واتخذوا ذات الخلفية التي استخدمها المصوّر ؛المحشوة بالمراجع والمجلدات والمؤلفات الثقيلة، ليعطوا انطباعاً للناخب بعمق تجربتهم وثقافتهم العالية «شرواي» ..
وبهذا وجدت بيني وبين بعض المرشّحين وجه شبه يتيم- بعد التنافر والاختلاف بطريقة التفكير والتعبير والملامح والتوجّه والطموحات- ان خلفيّتي وخلفياتهم متشابهة...
**
وأخيراً صرنا : «خلفيّتين ببرواز»
ahmedalzoubi@hotmail.com
الراي