الحكومة والنواب .. كذب المنجمون
محمد حسن التل
06-12-2022 02:04 PM
من الطبيعي أن يطالب النواب لدوائرهم الانتخابية بالخدمات، وتحسين ظروف المعيشة فيها وعادي جدا أن ينفعل بعضهم أحيانا نتيجة الضغوط الواقعة عليه من قاعدته الانتخابية لأنه بالمجمل التبس على الناس معنى مهمة النائب، وغاب عن الكثيرين منهم أن النائب مهمته الدستورية التشريع والرقابة وليس الخدمات والتعيينات، وإن كانت تقع هذه ضمن الرقابة أحيانا.
ولعبت بوجود هذه الصورة النمطية الخاطئة ظروف كثيرة متراكمة عبر العقود، وفي المقابل من حق الحكومة أيضا أن تدافع عن نفسها عندما يصورها البعض أمام الناس بالوحش المفترس الذي يريد أن ينهش لحمهم ، فالحكومة تعاني من ظروف اقتصادية معقدة ، والجميع يريد منها، وهي تجتهد بأن تقدم ما تستطيع ، حسب الإمكانيات، وتصر هذه الحكومة أن تصارح الناس بكل شيء ، وتصريح رئيس الوزراء أمس تحت قبة البرلمان أن الحكومة لا تستطيع أبدا أن تستمر بدعم المحروقات، نظرا للظروف المالية الصعبة للخزينة العامة هو نوع من الشفافية في التعامل مع الناس، حيث كان بإمكان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أن يجامل تحت القبة ويقدم الوعود التي من المستحيل تنفيذها ، لكنه يصر على الصدقية في عرض الحقائق .
معظم السياسيين والمشتبكين في العمل العام في الأردن ، يعرفون ظروف البلاد الاقتصادية، وإننا لم نعد نتلقى مساعدات من أي جهة غير تلك الأمريكية، والتي، للذي لا يعلم، ليست كلها على شكل سيولة، ولكنهم للأسف يقفون متفرجين وبعضهم أحيانا يقفون شامتين دون أن يحاولوا إبراز الحقيقة التي علموها عندما كانوا على كراسي المسؤولية .
لا أعتقد بوجود حكومة ترغب برفع الأسعار وإزالة الدعم كي يصيبها الصداع والتوتر ، ولكن الظروف كثيرا ما تكون أكبر من القدرات .
النواب أيضا كما أشرت في البداية يعانون من ضغط كبير من الناس ، حيث يحملونهم مسؤولية الأوضاع الصعبة السائدة ، ولم تعد مهمة النائب الأساسية في التشريع والرقابة تعني الناس الذين يريدون توظيف أبنائهم وخفض الأسعار ، وربما يكون الحق معهم لأن أمن المعيشة يكون أحيانا أهم بكثير من التشريعات وجوع الأبناء أهم من الرقابة لديهم ، إذن يجب أن نقر أننا جميعا في نفس القارب وأن السلطتين التشريعية والتنفيذية هما من يجدفان ومن الواجب على الجميع الوقوف خلفهما والتماس العذر لهما ، لأن الحكومة لو استطاعت لقامت بتعيين الآلاف ، وزادت الرواتب وخفضت الأسعار إلى أدنى درجة ، والنواب لو الظروف كانت مناسبة لقاموا بخدمة قواعدهم الإنتخابية كما تريد وأكثر وفتحوا لهم الأبواب جميعها ، لكن الحال للأسف كما نرى .
المنجمون الكذابون يبشرون بتوتر العلاقة بين الحكومة والنواب ، وهذا بالطبع ليس من المصلحة الوطنية بشيء ، لأن الصدام بين هاتين السلطتين يعني أزمة وطنية ، ولكن وجود رجال وسياسة ووطنية في كلا الجانبين سيجعل العلاقة دائما في مصلحة البلاد وستعذر السلطتين احداهما الاخرى وستتقدم مصلحة البلاد والناس على شيء.. وسيخيب امل المنجمين ولن يصدقوا..