يحدث في الجامعات يا سادة .. !
محمد حسن التل
04-12-2022 04:02 PM
منذ عشرين عاما والعمل السياسي في الجامعات لدينا بتراجع حاد ومتسارع، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من تفريغ تام لعقول الطلبة، وانعكس هذا على نوعية ومستوى تفكير الطالب، وأصبحنا جميعا نشكوا من تدني مستوى الخريج لدينا من الناحية العلمية نتيجة التلقين الذي سيطر على التدريس، أو انعدام الثقافة وملكة المعلومات العامة لدى هؤلاء الخريجين.
كنا متميزين في العمل السياسي العام في جامعاتنا، وزد على ذلك أن طلبة المدارس الأردنية كان لديهم اتحاد طلبة على مستوى المملكة يمارسون من خلاله العمل العام بكل انواعه، الأمر الذي جعل الطالب الأردني آنذاك ذو عقل مليء بالثقافة والوعي الوطني والقومي، وفي كثير من الفترات الصعبة التي مر بها الأردن كانت اتحادات الطلبة تشكل مدماكا أساسيا في الدفاع الوطني.
كنا في الجامعات في ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته وسبعيناته نمارس العمل السياسي تحت السقف الوطني، وكانت جامعاتنا تعج بالنشاط السياسي والثقافي الحقيقي، وكان الإختلاف على الفكرة والتطبيق لا على الإنتماء، أذكر أننا في جامعة اليرموك كنا نمارس العمل السياسي كطلبة يمثلون كل أطياف المجتمع الأردني سياسيا وثقافيا وكان الإهتمام منصب فقط على الفكرة الوطنية دون سواها بدون أي تصادم، لقد أعطت الجامعات الأردنية البلاد حتى بداية مطلع القرن الحالي قيادات سياسية وإدارية متفوقة ومحترفة، وكان هذا نتيجة إفساح المجال للطلبة أن يعبروا عن أنفسهم وانتماءاتهم بحرية وحماية من الدولة، إلى أن تفتق ذهن البعض عن خطة تقلب العمل الطلابي في الجامعات رأسا على عقب وتحويله إلى نشاطات مفرغة من المضمون وانتماءات جهوية ومناطقية بغيضة.
لقد استطعت خلال الفترة الأخيرة أن أطلع على بعض جروبات طلبة الجامعات، وكانت الصدمة العميقة حينما رأيت أن طلاب الجامعات يفرزون أنفسهم الى مناطق وجهويات تغرق الطالب في الإنغلاق الفكري والعصبية العاجزة المريضة التي تحوله إلى حالة جمود كاملة في التفكير.
يحدثوننا عن العنف الجامعي وضرورة مقاومته، هل كنا نسمع قبل بداية هذا القرن عن عنف في جامعاتنا، اليوم نرى باستمرار هذا العنف في معظم الجامعات نتيجة خلافات تافهة تدل على قصر تفكير الطلاب، وتشير إلى سوداوية من فكر في تفريغ العمل الطلابي من المضمون الوطني وتحويل الطلبة إلى مجموعات مناطقية جهوية ولم يفكر هؤلاء بمصلحة الوطن حينما قرروا هذا حتى وصلنا إلى هذه الصورة المقيتة، ألم يحسبوا حجم الخسارة الوطنية التي نعيشها الأن في الأجيال، لذلك يجب أن يحاسب هؤلاء على فعلتهم، لأنهم أسقطوا من حساباتهم مصلحة الوطن العليا حينما خططوا.
نتحدث جميعا عن أهمية صقل شخصية الطالب الجامعي، وضرورة تسليحه بالعلم والثقافة والمعرفة، وخلف الكواليس يعمل البعض عكس هذا التوجه الوطني، ليجعلوا الطلاب يغرقون أكثر في تفكيرهم المناطقي والجهوي، لنصمت جميعا عن الكلام المفخم عن الشباب وضرورة أن يعدوا ليكونوا قادة المستقبل لأننا بذلك نكذب على انفسنا وعلى الطلبة، فهناك من في العتمة يخطط عكس ذلك لأنه يرى غير ما نرى وترى المصلحة الوطنية.