في اليوم العالمي للتطوع 5/12
د. محمد العايدي
04-12-2022 12:45 PM
أخذ العمل التطوعي في البلاد المتقدمة مكانا واسعا ومكانة مهمة ويمثل ذراعا حقيقية لتطوير البلاد وتقدمها ويساهم في حل الكثير من المشاكل المجتمعية فمثلا في امريكا يوجد اكثر من (1.5) مليون جمعية ومؤسسة غير ربحية وفي فرنسا (600) الف وفي انجلترا ( 350) الف في الوقت الذي لايصل عدد الجمعيات والمؤسسات غير الربحية في الوطن العربي الى ما هو موجود في ولايتين امريكيتين فقط .
وفي كندا ما يقارب (170) الف مؤسسة ومنظمة غير ربحية تسهم بنشاط اقتصادي يقدر ب ( 142) مليار دولار امريكي سنويا وتوظف هذه المؤسسات غير الربحية في كندا ما يقارب (2.4) مليون شخصا أي توظف شخصا من كل عشرة اشخاص وهذه تعد نسبة اكبر من الوظائف التي توفرها شركات الغاز والتعدين والزيوت والزراعة والنقل هناك.
وهذه ارقام كبيرة في حال تم توجيه هذه المؤسسات الغير الربحية بطريقة سليمة وتم تأهيلها وبناء قدراتها بشكل صحيح .
عدا عن ما للعمل التطوعي من أهمية بالغة في صقل شخصية الشباب المتطوع واكسابهم مهارات عملية حياتية.
وكما ينهي العمل التطوعي الحالة السلبية التي قد تتنامى وتتصاعد في المجتمعات نتيجة بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية خاصة بعد وباء كورونا الذي افقد الكثير وظائفهم وحسب الاحصائيات ان ما يقارب ١٠٠ الف موظف في الاردن فقدوا وظائفهم ويعتبر هذا رقم كبير نسبيا مع عدد السكان .
ومن هنا جاءت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي العهد حفظهما الله للمؤسسات الرسمية والخاصة بالاهتمام بالتنمية المستدامة والعمل التطوعي .
فلابد ان نغتنم اليوم العالمي للتطوع من اجل وضع خطط واضحة لدمج الشباب في التطوع من خلال ايجاد موارد بشرية ومالية بالتشارك بين القطاعين العام والخاص والمنظمات المانحة من اجل دعم وتنمية التطوع خاصة بين الشباب الجامعي واستثمار هذه الطاقات فيما يحقق النماء للشباب والتعرف على طبيعة المجتمع الاردني في البوادي والقرى والمخيمات وكذلك فتح العلاقات بين الشباب الجامعي المتطوع مع الشركات العاملة واصحاب الاعمال ، حيث اثبتت الدراسات ان 51٪ من الشباب المتطوع يجدون فرص عمل بعد التخرج نتيجة للانخراط في العمل التطوعي وللعلاقات التي يكتسبها المتطوعون خلال فترة تطوعهم .
ومن ناحية اخرى فان العمل التطوعي ينمي في الذات حب الاخرين الذي بدوره يرتقي بالشباب فكريا وبذلك يقلل من توجه الشباب للتطرف وخطاب الكراهية وينقلهم من الحالة السلبية الى العمل الايجابي .
وكذلك يزيد لدى المتطوع الشعور بالانتماء وتحمل المسؤولية اتجاه وطنه واهله فمن تربي على البناء والعطاء لا يمكن ان يفكر في الهدم والخراب وهذا يجعلنا نفكر في وضع مناهج تربوية في المدارس والجامعات لترسيخ العمل التطوعي ليكون جامعا بين النظرية والتطبيق ولا يكتفي بالمادة النظرية فقط بل لابد من خلق مشاريع تطوعية تنموية مدروسة ومبتكرة نستثمر فيها طاقات الشباب بطريقة منظمة.
وان كنا في الاردن قد قطعنا شوطا كبيرا في هذا المجال سواء في مؤسسة ولي العهد التي تقوم بجهد كبير وكذلك وزارة الشباب من خلال اللجنة العليا للتطوع الا اننا بحاجة لتضافر الجهود اكثر مع مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل العمل التطوعي وترجمته على ارض الواقع وتشجيع الشباب على الانخراط فيه من اجل خدمة مجتمعاتهم واوطانهم وان لا يهدروا طاقاتهم في الوقوف موقف المتفرج او التلبس بالحالة السلبية الساخطة والرافضة لكل شيء والذهاب الى نظرية المؤامرة الى اقصى ابعادها التي قد تكون أطرها وهمية .
ومن هنا ندعو إلى تفعيل المبادرات الايجابية على مستوى الأحياء والقرى والبوادي لكي نسهم بالتقدم والتطور والنهوض الوطني الشامل.
وكذا ادعو جميع المؤسسات الرسمية ومؤسسات العمل المدني الى توسيع العمل التنموي التطوعي الجاد المبتكر بافكار ابداعية ريادية بمشاريع صغيرة ومتوسطة حقيقية .
* المدير التنفيذي لمركز الكالوتي التنموي