الرسائل الملغومة واطالة الحرب
د.حسام العتوم
03-12-2022 10:21 AM
تابعت موجة الرسائل الملغومة والمفخخة التي ضربت اسبانيا واستهدفت عدة سفارات ومؤسسات هامة هناك مثل سفارة اوكرانيا، ورئاسة وزراء اسبانيا ووزارة الدفاع، والسفارة الامريكية في اسبانيا، وحسب وزارة الداخلية الاسبانية فإن كل الرسائل المشابهة من حيث المضمون والتوقيت بتاريخ 30 نوفمبر 2022 انطلقت من اسبانيا ذاتها وحملت هدفا واحدا وهو توجيه التهمة لروسيا الاتحادية بسبب عمليتها العسكرية في اوكرانيا والتي ووجهت من طرف الغرب بحرب واسعة قادها حلف (الناتو) واراد لها ان لا تنتهي، وتصريحات وزير خارجية امريكا بلينكين ورئيس (الناتو) ستولتنبرغ الاخيرة تؤكد ذلك صراحة وعلنا، والعملية العسكرية الروسية لمن لايعرف دفاعية تحريرية استباقية غير احتلالية ولا تهدف للتخريب او للاغتيال، ولديها عقيدة عسكرية نظيفة تتمسك بها خاصة وانها المنتصرة وليست الخاسرة، ولا يوجد ما يمكن ان يدفعها للتخريب او للانحراف عن مسار العملية الحرب، وتواجه في المقابل، اي روسيا فوبيا اعلامية وسياسية واشاعات سوداء مغرضة، وتاريخ روسيا منذ الزمن السوفيتي لم يشهد خروجا عن نص التصدي للحرب العالمية الثانية عام 19391945 التي فرضت على السوفييت، وكذلك الامر وسط العملية العسكرية الروسية التي انطلقت بتاريخ 24 شباط 2022 وتوسعت واريد لها من طرف الغرب الامريكي ان تتوسع، فلم تستخدم السلاح النووي في تاريخها المعاصر، واحيطت باشاعة احتمال استخدامها للمخفض منه، ويراد من جديد وفي عتمات الليالي احاطتها بعمليات تخريبية تستهدف الدبلوماسية الغربية، وهو ليس من طبائعها، وفي المقابل وكما اذكر دائما لاتعتبر روسيا الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الامريكية عدوة لها، لكن من حقها فك سوار احادية القطب الواحد عن رقبتها، ودعوتها وقيادتها لعالم متعدد الاقطاب، عادل، ومتوازن، وخالي من الهيمنة والسيطرة وسياسة الكاوبوي .
نعم لم تذهب روسيا الى اوكرانيا جارة التاريخ، والى الشعب الاوكراني الشقيق لشعوبها محتلة لهم، بل محررة للجانب المتضرر في الشرق والجنوب الاوكراني من حراك التيار البنديري وفصائل ازوف المتطرفة التي تسببت على مدار اكثر من ثماني سنوات الى جانب الجيش الاوكراني من قتل وتشريد اكثر من 14 الف انسان اوكراني ناطق باللغة الروسية وروس يقطنون هناك، ويمثلون ديمغرافيا حوالي سبعة ملايين نسمة، وقرار العملية العسكرية الحرب لم يكن فرديا من طرف الرئيس فلاديمير بوتين كما تشيع ماكنة اعلام غرب اوكرانيا والغرب، وانما جماعيا مثل قيادة قصر الكرملين، واريد لها بداية ان تستقبل صناديق اقتراع الشرق والجنوب وتحت رقابة دولية للاستقلال ولكن في اطار الدولة الاوكرانية، ثم ظهرت حاجة الاقاليم الاربعة (لوغانسك، ودونيتسك "الدونباس" وزاباروجا، وخيرسون) للانضمام لروسيا طوعا ورفض الانضواء تحت راية سلطة ( كييف- زيلينسكي )، وكانت البداية في اقليم (القرم) الذي صوت لصالح الانضمام لروسيا بعد انقلاب عام 2014 الذي هدف لضم اوكرانيا لحلف (لناتو) المعادي لروسيا، واظهر لاحقا رغبة غرب اوكرانيا وبالتعاون مع الغرب في انتاج قنبلة نووية، واكثر من 30 مركزا بيولوجيا ضارا وسط المنطقة السلافية والسوفيتية السابقة والروسية تحديدا، والتجهيز لاستخدام قنبلة نووية ضد روسيا منخفضة القوة اطلقت عليها موسكو اسم ( القذرة )، واجرت بشأنها اتصالات مكثفة مع حلف ( الناتو ) عبر الخط الساخن، والقنوات الاستخبارية العلنية والسرية في مضامينها.
وما فعله الجانب الاوكراني الذي يمثل العاصمة ( كييف ) لغاية الان من سلبيات وعمليات تخريبية وبالتعاون مع الغرب لا علاقة لها بشجاعة المواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا مثل اغتيال الصحفية الروسية داريا غودينا، وتفجير خط الغاز ( نورد ستريم 2 ) في بحر البلطيق المزود لاوروبا عبر المانيا، وتفجير جسر (القرم)، وقصف القرى والمدن الروسية الحدودية، وبتر الاعضاء التناسلية للاسرى الروس العسكريين وقلع العيون، واعدام غيرهم، الى جانب النوايا العلنية الغربية خاصة الامريكية باطالة الحرب الاستنزافية كلها تصب في هدف واحد، هو الانقضاض على روسيا الناهضة بعد فقدان الحوار معها المباشر وعبر اتفاقية (مينسك). والان لم يعد الغرب بقيادة امريكا يعترف بالدولة الروسية العظمى الاكثر تمسكا بالقانون الدولي، ولم تعد روسيا الاتحادية تثق بالغرب، وخاصة بأمريكا، ولقاء مجموعة العشرين في اندونيسيا في نوفمبر 2022 الذي حضره رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو بايدن وغاب عنه رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين مؤشر قوي على قولي هنا، حتى ان وزير الخارجية سيرجي لافروف لم يلتقي بايدن ايضا هناك، وهو الذي يؤكد المؤكد، وحتى لا نذهب بعيدا لا يستطيع العالم ولزمن قادم بعيد ان يبقى يعيش القطيعة مالم يقبل بالحلول الوسط، وعندما يتوازن العالم، ويقبل ببعضه البعض، ويعقد العزم على انهاء الحرب الباردة وسباق التسلح الذي بادرت اليهما روسيا عام 2000 عندما عرضت على امريكا دخول حلف (الناتو) ستصبح صورة العالم مختلفة، ومشرقة بكل تأكيد .
وازمة وحرب دموية مثل الاوكرانية – الاوكرانية، والروسية – الاوكرانية ومع حلف ( الناتو ) بالوكالة، لا تحل ولا تعالج بتكديس السلاح الغربي في ( كييف ) العاصمة، وانما بالبحث عن مخارج لسلام دائم بين الاطراف المتحاربة (الروس والاكران) فيما بينهم، والنار لا تطفأ بالمحروقات بل بماء الحوار المسؤول الذي يضفي الى سلام عادل ومتوازن تقبل فيه كل الاطراف، وليس من حق الغرب اعتبار نفسه طرفا في الحرب في زمن الحاجة الى السلام، والعالم اليوم تحول الى اقطاب متوازنة ولم يعد الغرب يمثل قيادة العالم، وهذه حقيقة لمن يرغب سماعها، وكل الحروب الكبيرة السابقة الاولى العالمية ( 1914 1918 )، والثانية ( 1939 1945) انتهت الى سلام، ويصعب تصور اندلاع حرب عالمية ثالثة لا سمح الله تكون مدمرة وتضفي الى نهاية العالم، ولم يثبت العلم حتى الساعة وجود حياة للانسان على الكواكب القريبة تشكل بديلا لحياة كوكبنا، وسلام ضعيف خير من حرب مدمرة تلغي الحضارات وحياة البشرية جمعاء، والعالم اليوم محتاجٌ للتنمية الشاملة (الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية) اكيد .