الأشخاص ذوي الإعاقة والحق في التعليم
فيصل تايه
03-12-2022 10:20 AM
يحتفل العالم في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي للأشخاص ذوي الاعاقة ، ذلك تأكيداً على أهمية الوقوف أمام المسؤولية تجاه شريحة مهمة وفاعلة من شرائح المجتمع وتعزيزاً للوعي المجتمعي بقضاياهم وحقوقهم ، والعمل على إدماجهم في جميع جوانب الحياة ، وهذا يقودنا إلى الحديث عن تمكّينهم من القيام بأدوار مُماثلة لأقرانهم من غير ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتفعيل دورهم في المجتمع .
اننا في الأردن وبمقتضـى المـادة ( ٣١ ) مــــــن الدستـور الأردني ، وقانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم (٣١) لسنة ٢٠٠٧ ، وقانون المجلس الاعلى لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة رقم ٢٠ لسنة ٢٠١٧ ، وقانون وزارة التربية والتعليم رقم (٣) لسنة ١٩٩٤ ، والتي تنص جميعها على المحافظة على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى قدراتهم ومهاراتهم وتطويرها وتنميتها في المجال الصحي أو الوظيفي أو التعليمي أو الاجتماعي أو أي مجال آخر بما يحقق تكافؤ الفرص ، بالدمج الكامل لهم في المجتمع وممارسته لجميع الحقوق والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين .
وإنني هنا بصدد الحديث عن مهمة توفير التعليم للجميع والملقاة على عاتق وزارة التربية والتعليم ، والتي تضع هذه المهمة ضمن سلم أولوياتها ، ذلك لتحقيق الإنجازات المتعلقة بهذه الفئة الغاليه من ابنائنا الطلبة وتقديم مختلف الخدمات التربوية والتعليمية لهم ، من خلال تطبيق "الدمج" لإتاحة الفرص للطلاب ذوي الاعاقة الذين هم في سن التعليم للانخراط في التعليم ، ما يتيح توفير المتطلبات التربوية الخاصة للطالب ذوي الاعاقة ضمن إطار المدرسة ووفقا لأساليب ومناهج ووسائل دراسية تعليمية يشرف على تقديمها معلمين متخصين مؤهلين .
مما سبق ، وضمن هذا الاطار فان "التعليم الدامج" يشكل مطلباً ملحاً عند أولياء أمور الطلبة ذوي الاعاقات ، ذلك من أجل تهيئة البيئة التعليمية الدامجة لإلحاق ابنائهم من هذه الفئة بالمدارس الحكومية ، وتوفير ترتيبات تيسيرية محفزة لهم ، فمن حق ذوي الاعاقة ان يتعلموا في نفس الظروف التي يتعلم فيها الطلبة من غير ذوي الإعاقة ، فالتعليم حق للجميع ، دون النظر للعمر أو الجنس أو الجنسية أو الحالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والجسدية ، والمدرسة متاحة للجميع .
اننا وعلى مدار السنوات الماضية ، قطعنا خطوات كبيرة نحو الوفاء تجاه هذه الفئة الغاليه خاصة في مجال التعليم ، فوزارة التربية والتعليم يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة لدمج ذوي الإعاقة من خلال العمل على اعداد المدارس لتكون على مستوى عالٍ من الاستعداد والاداء والاستيعاب ، اضافة لضرورة تحقيق الأهداف التي تحتاج إلى تهيئة البيئة التعليمية المناسبة في المدارس ، من أجل إتاحة المجال أمام كافة الطلبة ذوي الاعاقات ودمجهم مع اقرانهم في هذه المدارس لينالوا حقهم في تلقي التعليم المناسب ، وهنا ، تجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، كانت قد أطلقت استراتيجية وطنية عشرية للتعليم الدامج "٢٠٢٠ - ٢٠٣٠" ، ومحاور العمل عليها ضمن مشروع "بروميس" الخاص بتوكيد جودة التعليم الدامج ، والتي تهدف إلى إعداد خطة تنفيذية ، بدعم من الحكومة الألمانية ، وهي بمرحلة التنفيذ حاليا سعياً لجني نتائجها ، حيث تركز هذه الخطة ضمن المرحلة الاولى على ٣٠ مدرسة حكومية ، وسيتم التوسع فيها لتشمل مختلف مدارس المملكة خلال المرحلة المقبلة ، ذلك لزيادة عدد الطلبة من ذوي الإعاقة الملتحقين بالبرامج التعليمية بنسبة كبيرة .
اننا نعي تماماً أن وزارة التربية والتعليم تعمل باستمرار على رفع القدرات المهنية للكوادر العاملة في هذا النوع من التعليم بما يلبي متطلبات التعليم الدامج ، اضافة لتقديم الخدمات التربوية مع توفير دعم صفي كامل ، من خلال تطوير برامج تعليمية دامجة في كافة المراحل التعليمية بما فيها مرحلة ما قبل المدرسة ، كما وتقوم وبصورة مستمرة على تدريب المعلمين ضمن برامج التنمية المهنية ، ذلك بتطوير قدراتهم حيث يتم تزويدهم بالكفايات المطلوبة لإدارة صفوفهم الدراسية وتلبية احتياجات الطلبة ، اضافة لتخصيص مساحة من التدريب الخاص بالتنمية المهنية من أجل دعم الطلبة ذوي الإعاقة ، ما يساعد الطالب على النمو والتعلم ، فالأمل يكمن في قدرة المعلمين على مساعدة هذه الفئة لأن أهمية أن يكون المعلم فاعلاً ومشاركاً نشطاً وانسانياً سيحقق أقصى درجات الفائدة ، كما تم تصميم وتنفيذ برامج توعوية وبرامج تطوير القدرات حول التعليم الدامج وأساليب تطبيقه ، اضافة إلى تصميم أدلة اجرائية وأدلة تدريبية للتعليم الدامج ، ذلك لتساعدهم ليجدوا حلولاِ مبتكرة لدعم الطلبة لخلق بيئة تفاعلية نشطة آمنة قادرة على الوصول لجميع المتعلمين وخدمتهم ، من خلال ايجاد منصات تعليمية خاصة وتطبيقات الكترونية باستخدام التكنولوجيا تحتوي أدوات لجذب الطلاب ودمجهم في العملية التعليمية .
بقي أن أقول ان حجم هذا التحدي ، يحتاج الى مشاركة الأهل والتواصل المستمر معهم والذي يجب ان يتم بصورة مرنة ، فإتاحة الفرصة لأُسر الطلبة ذوي الحاجات الخاصة للمشاركة في فعاليات برنامج الدّمج ، وتهيئة أُسر الطلبة العادين للوصول معهم إلى تقبل فكرة أن يكون مع أبنائهم العاديين طلبة غير عاديين ، اضافة الى اعطاء الفرص للطلبة للاندماج في مختلف أنشطة وفعاليات المجتمع وتسهيل مهمتهم في أن يكونوا أعضاء فاعلين ، ما يضمن لهم حق العمل باستقلالية وحرية التنقل والتمتع بكل ما هو متاح في المجتمع من خدمات ، فذلك يحتاج الى رفع الوعي المجتمعي ، وتغطية مختلف الجوانب الفنية والمعرفية والعملية للوصول إلى بيئة تعليمية دامجة يتمتع فيها الأشخاص ذوو الإعاقة بحقهم في الاندماج ويحققون أقصى تحصيل أكاديمي ممكن.
وأخيراً فإننا نعي ان الجهات الحكومية الرسمية وخاصة وزارة التربية والتعليم تؤكد باستمرار بأنها تقدم جميع خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة ، وإن الوزارة لن تألو جهداً في التوسع في برامج الدمج ضمن سعيها لتلبية احتياجات المجتمع ، وتوفير الخدمات التعليمية، وتقديم الفرص المتكافئة للجميع ضمن خطتها وفلسفتها وسياساتها لتحقيق أهداف التعليم، بالتعاون مع الهيئات والمؤسسات المعنية.
والله ولي التوفيق