الساعة السادسة و٤٥ دقيقة صباحاً. في التوقيت الصيفي لا تزال الشمس خلف الشرق وستحتاج لنصف ساعة ثانية قبل أن تظهر. لكن الغيوم تملأ السماء فوقنا فتزيد من عتمة الصباح. الحافلة الصفراء تمر من الزقاق أمام المنزل كل يوم في هذه الساعة وتعود بعد دقائق بعد أن تلتقط راكبها من أبناء الجيران. ويمر في مخيلتي حياة ثلاثة أشخاص.
سائق الحافلة وأم الطفل والطفل.
لكي يصل سائق الحافلة لزقاقنا في هذه الساعة المبكرة عليهِ أن يكون وراء المقود قبل ساعة على الأقل وخارجاً من بيته قبلها بساعة أو تكاد. حوالي الساعة الرابعة و٤٥ دقيقةً ليلاً. يعني أن هذا السائق سيباشر يومه حوالي الرابعة ليلاً.
الأم والطفل لكي يجهزا للمدرسة عليهما القيام قبل موعد الحافلة بساعة. لنقل حوالي الخامسة والنصف أو يزيد بقليل من الليل. للبالغ الكبير قد يمكنه ويمكنها القيام باكراً لكنه للطفل نوعٌ من العذاب اليومي لأن أمامه لا زال رحلة الحافلة واليوم الدراسي. ما يجعله يكره يومه. لو كنتُ مكانه سأفعل.
قِسْ على هذا المثل الحي آلاف الحالات. آلاف المنازل ومئات الحافلات التي تضيئ أضواءها وتدور محركاتها قبل الموعد الطبيعي والصحي للسائق والأم والطفل.
وفي أشهر الربيع والصيف يندفع المغرب والعشاء للساعة المتأخرة قريب الثامنة وبعد التاسعة ليلاً. أليس في هذا عنتاً لمن يكونُ تعباً أو مريضاً؟ أليس من الأجدى إبقاء التوقيت الشتوي الذي يعطي الليل والنهار حقهما ويعطي الإنسان راحته الجسدية والنفسية؟ هكذا قالت الدراسات العديدة.
لا أحب التوقيت الصيفي لأنه يجافي ساعتي الجسدية ولهذا فإن كتابتي عنه منحازةً ضده. ولن أكون صانع قرار بشأنه وإلا لألغيته ولهذا عليَّ وعلى سائق الحافلة والأم والطفل أن نتحمَّلَهُ. فمن نكدِ الدنيا على المرء أن يرى توقيتاً سيئاً ما من تحمله بد!