مونديال قطر يحيي شرف العروبة والإسلام
سارة طالب السهيل
30-11-2022 12:46 AM
لأننا نعيش في عصر الصورة وتجلياتها في التأثير والادراك، فقد استوعبت قطر الشقيقة مفاهيم العصر وأدوات التأثير فيه، واستخدمته في تقديم صورة اكثر اشراقا للحضارة العربية والاسلامية وبحرفية عالية في تنظيم مونديال كأس العالم.
إنه التحدي الكبير أن تقام مناسبة دولية هي محل أنظار مئات الملايين من البشر في دولة صغيرة، شنت ضدها العديد من الحملات الغربية للتشكيك في إقامة المونديال تارة بسبب حرب روسيا واوكرانيا، وتارة بعلة عدم القدرة على التنظيم الجيد، غير ان قطر حملت سلاحي الثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز وفاجأت العالم بقدرة غير مسبوقة على تنظيم المونديال.
فنجحت بتحويل المونديال من مجرد مسابقات دولية على أرضها إلى حالة دولية وعالمية وإنسانية تتخللها فضاءات السياسة والثقافة والدين والحضارة والإبهار الفني في مزيج مبدع استطاع أن يثير دهشة شعوب العالم شرقا وغربا. وهذا يعني من جانب الأمل الكبير في استعادتنا لحيوية الأمة مجددا بعد ما عانته من تشظي وتمزيق وفتن طائفية.
لقد اتنزعت قطر فرصة تنظيم المونديال من فم الأسد قبل 11 عاما، وأثبتت للعالم جدارتها تنظيما وادارة وفنا وثقافة وحضارة، فلم تقدم في مونديالها صورة مكررة من مونديالات سابقة، بل قدمت صورة العربي والمسلم على الوجه الذي يمثلنا جميعا دون تقليد أو محاكاة لأحد، فحققت معنى التفرد والإبداع والدهشة.
في تقديري أن تنظيم هذا المونديال بقطر في هذا التوقيت الدولي وتحدياته السياسية والدينية والاجتماعية، هبة من الخالق العظيم لكشف حقيقة الجينات العربية وقدرتها على الحفاظ على هويتها رغم نجاح الغرب في تصدير ثقافته إلينا والباسنا إياها، لكننا مع أول فرصة لخلع هذا القناع المزيف، كشفنا عن معدننا وحقيقة ثقافتنا الغارقة في الإنسانية والفضيلة.
قطر أكدت عمليا حقيقة أنه إذا كان الغرب قد نجح في تقديم حضارته وثقافته وتصدرها للمشهد العالمي وهذا حقه، فأننا نحن ايضا كعرب من حقنا أن نوظف حدثا دوليا في تقديم هويتنا وإزالة كل الصورة الذهنية السلبية التي صنعها أعداؤنا لتصويرنا متخلفين أو إرهابيين.
فالرسالة التي قدمتها قطر تقول فيها للغرب بوضوح أن شروطك الثقافية والاجتماعية في المأكل والملبس واختيار الهوية والجنس ليست ملزمة لنا، وأن ما تعتقده في بلادك من قوانين اجتماعية وحضارية من الصحة، فانها بالنسبة لنا كعرب مسلمين ومسيحيين ليست صحيحة بالنسبة إلينا، وأنه من حقي على أرضي العربية أن أقدم للعالم هويتي وثقافتي ومرتكزاتي الحضارية.
الحقيقة الواضحة للعيان... لقد نجحت قطر في تقديم هذا النموذج للعالم عبر المونديال بشكل راق ومحترم جدا ودون أية اساءات للفكر الغربي، على منهج لكم دينكم ولي دين، فوجدنا منعا لمجتمع الميم، في مقابل آراء تؤيد حق مجتمع الميم في التعبير عن نفسه.
والمتابع للمونديال يجد ان قطر تحولت الى ساحة تختلط و تشتبك فيها الافكار والثقافات والحضارات، ولكن اللافت بحق ان الغرب قد رأى الوجه الحقيقي للإسلام على أرض الواقع وليس على شاشات التلفاز.
شاهدوا كيف نربي اطفالنا حتى يشبوا عن الطوق، كيف نصنع المستقبل ونخلق قيادات قادرة على المنافسة العالمية، وتعرف على فكرنا الاقتصادي، وكل ذلك قد انعكس في الفكر الهندسي الذي تم به تصميم المباني والمنشآت الخاصة بالمونديال، وكافة الفعاليات الثقافية والفنية من أغان وفنون يدوية ومستوى الخدمة المقدمة لضيوف المونديال وغيرها من تجليات البيئة العربية الحضارية التي أفرزتها.
كما أثبتت قطر للعالم أن «كاتالوج» الغرب ليس هو الأصلح لقيادة العالم، وان هناك كاتالوجا آخر عربيا واسلاميا جديرا بالتعرف عليه واحترامه واحتذائه بحفاظه على فطرة الانسان وكرامته ودينه الذي يتمم له مكارم الاخلاق.
واذا لم تحصد قطر جائزة المونديال الكروية فانها قد حصدت جائزة شرف الدفاع عن الدين والهوية واثبات حق العربي في صون معتقده وثقافته وفخره بها، من خلال النموذج الحضاري الذي قدمته قطر في احترام الخصوصية الذاتية لوطنها وعروبتها مع احترام خصوصية الاخر وثقافته.
ومن الوهلة الاولى عمدت قطر على اضفاء الروح العربية على المونديال من خلال اختيار التميمة التي تدعى «لعيب» فهي عبارة عن العمامة العربية الشهيرة، تداعب كرة قدم.
والحماس والدعم العربي والاسلامي لقطر.
(الراي)