نتنياهو يتجه لتشكيل حكومة يمين متشدد
د.محمد المومني
30-11-2022 12:19 AM
في الوقت الذي قررت فيه الولايات المتحدة رفع رتبة مسؤول التمثيل مع الفلسطينيين هادي عمرو، يذهب نتنياهو لتشكيل حكومة يمين متشدد لا يؤمن بحل الدولتين ولا بحقوق الفلسطينيين، يتبنى رواية دينية مسيسة أن الأرض حصرا لليهود الذين هم عليها دون سواهم، وأن العرب الفلسطينيين يجب أن يتركوا أرضهم ويغادروا إلى إخوانهم العرب. نتنياهو يشرعن اليمين المتشدد، يضعه في موقع القرار الحكومي المؤثر، فقد تم الاتفاق الأوليّ أن يتولى بن غفير وزارة الأمن الداخلي، ما يعني أنه سيكون مسؤولا عن قوات الأمن الداخلي والشرطة التي تتعامل مع الفلسطينيين تحت الاحتلال. بن غفير يمثل حالة مفرطة من التشدد اليميني، الذي لا يؤمن بالسلام ولا التسوية، وهذا معناه أننا مقبلون على مواجهات سياسية وأمنية ستكون الضفة الغربية وقطاع غزة ساحاتها الرئيسية.
ائتلاف نتنياهو لا يوحي بالخير بل بمواجهات وصدامات قادمة. ائتلاف يمين وسط كان الأحرى، يمثل رسالة سياسية مهمة للعالم والجوار وللداخل أيضا. بالمقابل، فحكومة يمينية متشددة في إسرائيل ستسهم في تغيير الصورة التي تحظى بها إسرائيل بالغرب، وأنها تحولت لكينونة سياسية من الصعب أن يتم استدامة دعمها، وأن تموضعها الآن كقضية خلافية في عواصم القرار أمر يتسق مع التحولات اليمينية العميقة التي جرت وتجري في إسرائيل.
اليمينية والتشدد الذي يجتاح إسرائيل يتعارض مع منظومة القيم الغربية التي أنتجت مبادئ حق تقرير المصير للشعوب وحقها الخالص في العيش باستقلال وكرامة. مناصرة العالم لإسرائيل أتت على أسس التعاطف جراء ما تعرض له اليهود في أوروبا فكيف سيقبل منهم أن يفعلوا بالفلسطينيين ما عانوا هم منه. هذا أمر لن يستقيم في عواصم القرار الغربي، سيؤدي إلى أفول الدعم الذي تحظى به إسرائيل واضمحلاله ولو بعد حين. لا مناص عن زوال الاحتلال وإعطاء الفلسطينيين حقهم السياسي والسيادي كما كل شعوب الأرض، ونظرية إخراجهم من أرضهم، أو إبقائهم تحت الاحتلال دون دولة، لن تصمد بحال من الأحول، تعاكس المنطق والميدان.
قبل العرب بالسلام كخيار إستراتيجي، ولا زالوا يدافعون عن معاهدات السلام مع إسرائيل، ولكن قضايا عالقة لا بد أن يحسم أمرها وهي قضايا الحل النهائي، والطريق لذلك إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة القابلة للحياة. من دون إحقاق ذلك، فالجرح يستمر بالنزيف وهذا يولد أمراضا إقليمية وانعدام استقرار وخطاب كراهية. بعيد أوسلو، وقبل اجتياح اليمين المتشدد الإسرائيلي للحكومات، كانت إسرائيل أفضل حالا وأكثر أمنا، خطوط دفاعها اتفاقات ومعاهدات مع الفلسطينيين ومحيطها، أما الآن، فالتوتر على أشده والارتكان للقبضة العسكرية لإحقاق الأمن والاستقرار، وهذا غير مستدام وغير واقعي، إذ إن التفاهم والاتفاق مع دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام هو الضامن الأكبر والأهم للاستقرار الحقيقي، والأمن والسلام للشعوب.
(الغد)