نتنياهو، ومشروع العربدة السياسية.. ومهما يكون، فيمكن لنتنياهو وحلفائه من اليمين الاسرائيلي المتطرف ان يقولوا ما يشاؤون ! ولكن تبقى المشكلة التي تواجه نتنياهو داخلية اسرائيلية صرفة.
نتنياهو،» بيبي ملك « كما وصفته الصحافة الاسرائيلية، وهو اطول رئيس حكومة في اسرائيل، وبعد ان تم اختياره لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات الإسرائيلية الاخيرة فيكون قد تعدى اكثر مما مر على رئاسة بن غوريون.
نتنياهو تاجر بالتطرف والتحالف مع المتطرفين الدينيين، وهم اوصلوه في محطتين انتخابية واكثر لتشكيل حكومة، وانقذوه من المحاكمة في قضية فساد، وحموا مستقبله السياسي.
رفع نتنياهو من فزاعة المواجهة في الضفة الغربية، والمواجهات والاقتحام اليومي في مدن ومخيمات الضفة، وزادت ايضا وتيرة الانتهاكات اليومية لليمين المتطرف الديني للمسجد الاقصى، ويخطط المتطرفون الدينيون لفرض امر واقع جديد في القدس، وتوسيع دوائر المواجهات والاقتحامات، وصولا الى الاحتفال في عيد «الحانوكاة» الذي يستمر لـ8 ايام متتالية.
الضفة الغربية على شفير انتفاضة ثالثة غير معلنة.. والاوضاع تزداد يوميا توترا نتيجة التصعيد والتدخل العسكري والامني الاسرائيلي.
وسلطة «رام الله « في اسوأ الاحوال، ولولا الحماية والدعم الاسرائيلي فانها تواجه حتمية الانهيار باي لحظة، وما لم يقوَ رئيسها محمود عباس على اتخاذ قرارات تاريخية بخصوص اوسلو والتنسيق الامني، وسياسة الخدمات الامنية لاسرائيل والتنكيل في المقاومين والتيارات النضالية الفلسطينية، وهذا مستحيل من سابع المستحيلات.
ماذا يريد نتنياهو واليمين المتطرف الاسرائيلي ؟ في اسرائيل لا يريدون حكم الضفة الغربية ولا اعادة ضمها والسيطرة عليها، ولا يريدون العودة لما قبل اوسلو. ولأن اليمين اليهودي ونتنياهو وتحالفات اركان الحكم الجديد في اسرائيل يريدون دولة يهودية.
في سلطة رام الله، يعرفون ماذا يريد نتنياهو، وسياساته العنصرية والاستيطانية، واعادة ترتيب البيت الفلسطيني لما بعد محمود عباس، ومن سوف يخلفه، وبقدر ما يتاح من دعم عربي ودولي.
و المسعى الإسرائيلي نحو تشتيت صفوف الفلسطينيين، وعرقلة اي مساع لوحدة وطنية وحوار وطني، وانهاء لحالة الانقسام والاختلاف الفلسطيني.
محاولات السلطة الوطنية بائسة وحزينة، والسلطة لا تملك اوراقا فلسطينية، وحتى وصولها الى المنظمات الدولية، وتسويق القضية الفلسطينية حقوقيا وانسانيا، وفتح تحقيقات جنائية دولية في حروب وانتهاكات واعتداءت اسرائيل على الفلسطينيين تراجعت سلطة محمود عباس عنها امام ضغوطات اسرائيلية.
مشروع نتنياهو، وما يريده.. تقسيم المشهد الفلسطيني الارض والامن لاسرائيل.. والسكان «الفلسطينيون « عرضة لتهجير وترانسفير قسري للاردن، وموجة هجرة ونزوح جديدة للاردن، او انهم يبقون بصيغة عمال، ومواطنة : اكل وشرب ونوم في مدن وقرى الضفة..
و اقصى حدود الوجود الفلسطيني يبقى في «سلطة رام الله «، وادوارها الوظيفية بالتنسيق الامني ومساعدة قوات الاحتلال، وعمليات التمشيط الامني واستهداف الفلسطينيين، وجماعات المقاومة، وسلام التمكين الاقتصادي مقابل التنازل عن الحقوق السياسية والتاريخية.
واذا ما انفجر الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية، واطاحت المقاومة الشعبية الفلسطينية في سلطة رام الله، واصبح هناك سلطة الامر الواقع فلسطينيا، وهي التحدي المقاوم الحقيقي لعربدة نتنياهو وحلفائه المتطرفين وحلفائه الاقليميين والدوليين.
وفيما يعيش العالم من أزمات مركبة من حرب أوكرانيا والتوتر الصيني / الامريكي في تايوان، وحروب الطاقة والغاز والتجارة.. فنتنياهو سوف يعمل ما يشاء اذن، واخر نداء فلسطيني او عربي قد يوجه الى المجتمع الدولي والرباعية الراعية لمفاوضات السلام الاسرائيلية / الفلسطينية، فمن قد يسمعه في العالم الغارق في وحل ازمات وحروب باردة وساخنة.
من الواضح ان نتنياهو ناوي على الشر، وان التوحش الاسرائيلي الفارط سيكون عنوان المرحلة القادمة دون ادنى شك.. وارتدادات سياسة نتنياهو ستكون إقليمية، وخصوصا تداعيه على الاردن، وفيما يتعلق بملف القدس وسياسة التهويد والامر الواقع الاسرائيلي، والملف الامني والعسكري في الضفة الغربية، والتصعيد المزمن، وما قد يخلف خيارات حتمية لحلول على حساب الاردن.
من اعتقد في يوم من الايام ان اسرائيل تريد سلاما، فانه يضحك على نفسه، ومن اعتقد ان اسرائيل تريد اصدقاء وحلفاء في الاقليم وخصوصا دول عربية، فانه يخدع نفسه، ويكذب على التاريخ.
الجريمة الاسرائيلية الكبرى والختامية في مشروع اليهود التوراتي سوف يرتكبها نتنياهو.. ومن يريد ان يفهم ويدرك ماذا يريد نتنياهو واليمين المتطرف لا يقرأ اتفاقيات السلام وادي عربة واوسلو وتحليلات مروجي خطاب السلام والتعايش، انما يراجع ادبيات اليمين الاسرائيلي المتطرف، وماذا يريدون.
(الدستور)