حين انتشر عنف في الجامعات، فزعنا ثم سكتنا ولم يفعل أحدٌ شيئًا! انفجر العنف في الملاعب، أزبدنا وغضبنا وسكتنا، ولم يفعل أحدٌ شيئًا! وها هو عنف التعليم! غضبنا، هاجمنا مديرًا لأنه لم يفزع! أرسلنا فزعة عمانية عاجلة! ثم عدنا شاكرين!
العنف في المدارس ظاهرة واسعة! عنف ضد المعلمين، وعنف ضد الطلبة!
العنف ضد المعلمين ظاهرة عالمية، زودني د بلال جيوسي بإحصائيات عن العنف في المدارس البريطانية: ٦٪ من معلمي بريطانيا تعرضوا لعنف جسدي من طلبتهم، و١٠٪ تلقوا تهديدات جسدية، و٣٨٪ تلقوا تهديدات لفظية!، ومن المتوقع أن تكون هذه الظاهرة منتشرة في كل مكان! ففي الولايات المتحدة تصل نسبة المعلمين الذين تعرضوا لعنف جسدي ٤٤٪، بل يترك معلمون جددًا التعليم من أول سنة،
بتقديري، إن النظام التعليمي العالمي لم يكتشف بعد وسيلة مقبولة لإدارة العمل التربوي، ولذلك انتشر العنف!
وغالبًا ما يتحدث المسؤولون عن عنف طلبة ضد معلمين، وكما روى مدير المدرسة أمس: عقدنا مجلس انضباط للطالب -حسب القانون-ونقلناه إلى مدرسة أخرى، ولم يقل إلى مدينة أو بلدة أخرى! لا أبرّر ما فعله الطالب فهو فعل مدان! لكن ما الذي دفع الطالب لهذا الخطأ؟ هذا ما لم وما لن يتحدث عنه أحد!
بعيدًا عن الحدث؛ يتعرض الطلبة يوميًا إلى عنف مدرسي يتخذ أشكالًا عديدة: فالمناهج المفروضة بعيدًا عن حاجاته هي عنف، والبيئة المزدحمة هي عنف، وضعف تأهيل المعلم هو عنف، وكذلك الواجبات والامتحانات والقلق وقوانين الضبط التي دلّعوها وأسموها انضباطا هي قمة العنف! وأسأل مع الطلبة: لونقلنا كل طالب رفض ما يمارس عليه من عنف، هل سيصير فجأة أكثر انضباطًا وهدوءًا أم قد يحمل جنزيرًا؟؟
نريد من الطالب مهارات التواصل وقد نحدثه عن الحوار، وحل المشكلات واحترام الآخر، وبأول خطأ يرتكبه نلغي الحوار ونبدأ بالإقصاء وبالنار!.
كثيرون يعتقدون أن العقوبة الرادعة هي ما يصلح الحال، وما دروا أن الطلبة المعاقبَين هم زبائن دائمة لارتكاب المخالفات! وأن العقوبات حتى الإعدام لم يقلل من المخالفات والجرائم!
في التعليم، الحوار والتفاهم وطول البال والصبر والقبول هي قيم نسعى لها! ولكن لا نبذل جهدًا لتعليمها، وكما قلت أمس: لدينا معلم تاريخ وآخر فيزياء وآخر لغة… الخ! فمن إذن سيعلم القيم والحوار والأخلاق؟
مشكلات الطلبة ستبقى ما بقي العنف المدرسي يمارس عليهم لكن نأمل أن لا نتحول إلى العنف بالجنازير!
هناك برنامج اسمه التوسط بين الرفاق، ينتخب الطلبة زملاء لهم من الطلبة وقد يشارك معلم وولي أمر، يقوم هؤلاء بمناقشة كل مشكلة وحلّها دون جنازير ودون مجالس انضباط!
هل يمكن تشكيل لجنة- بطريقة غير أردنية- لدراسة مشكلات العنف، وليس العنف الطلابي؟؟