الهزات القوية والتحولات الكبرى التي يعيشها الاخوان المسلمون في العالم العربي تفرض التفكير بالتنظيم القطري وفك ارتباط جماعات الاخوان الذي يحققه ما تبقى من التنظيم الدولي، وكما هو العالم العربي يذهب سريعا نحو الدولة القطرية مع الاحتفاظ ببعض شعارات الوحدة الكبرى فإن اخوان العالم العربي يسيرون نحو التنظيم القطري او يفترض ان يكون الأمر كذلك.
هذه ليست دعوة للجماعة بل هي قراءة لواقع جماعات الاخوان، فإخوان فلسطين – أي الضفة وغزة- عادوا إلى الالتحاق بركب نظام بشار الأسد، يطلبون رضاه وأن يتجاوز تلك المرحلة التي كانوا فيها ضمن المعسكر الإخواني والاقليمي الذي يعمل لإسقاط بشار الأسد، وعاد نظام بشار ليكون رمزا للمقاومة والصمود والدفاع عن فلسطين بعدما كان قبل سنوات معدودة نظاما مجرما.
أما اخوان سورية، فالنظام السوري بنظرهم نظام طائفي علوي مجرم يجب إسقاطه، وإخوان الأردن الذين كانوا قبل الربيع العربي مفتونين بنظام الأسد الاب ثم الابن لانه نظام مقاوم، تحولوا بعد الربيع إلى عدو لدود وتشهد الساحة المقابلة للسفارة السورية بعمان للتجمعات التي تنادي بسقوطه، لكنهم اليوم في حيرة من أمرهم بعد عودة حماس إلى حضن الأسد، وربما لا يمضي الكثير من الوقت حتى يعودوا إلى اعتباره رمزا للمقاومة.
طبعا اخوان مصر وهم التعبير عن التنظيم الدولي مشغولون بوضعهم الداخلي والتنازع بين جماعة لندن وجماعة تركيا، لكن آخر موقف تجاه بشار الأسد هو الرفض لوجوده.
قضية سورية مثال لكنه مثال مهم لأن سورية فيها ملف للإخوان منذ نهاية السبعينات، لكنه اليوم يكشف عن تباين لدى فروع مهمة في الجماعة حول التعامل معه.
وفي فلسطين 48 هنالك حركة إسلامية شمالية ترفض الدخول في الكنيست وتراه محرما، وهناك الحركة الإسلامية الجنوبية التي كانت في الكنيست الماضي بل كانت ضمن الائتلاف الحكومي وفازت في انتخابات الكنيست قبل أيام بخمسة مقاعد، فأي مسار يمثل الاخوان، ولا أقصد تنظيميا بل فكريا وسياسيا؟!
وحتى عندما حكم الاخوان مصر فإنهم اغمضوا عيونهم عن شعار إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وأرسلت حكومة الاخوان سفيرا لمصر الى اسرائيل، والسبب التزام اخواني مع اميركا بعدم المس بمعاهدة كامب ديفيد.
الضربة القوية التي وجهتها مصر للإخوان ألحقت أذى كبيرا بفكرة التنظيم الدولي لأن عموده الفقري هم اخوان مصر الذين يعانون من انشقاقات في المنفى، والقضايا الكبرى جعلت الاخوان جماعات مثل الملف السوري الذي تفشل جماعات الاخوان بما فيها حماس في التوحد حول موقف واحد، وحتى العلاقة مع اسرائيل التي لم تنجح الجماعة الام في تجاوزه عندما تولت حكم مصر.
وفي الأردن هنالك الجماعة المرخصة التي يصفها التنظيم غير المرخص قريبا من الجهات الرسمية وأخرى لا تحمل ترخيصا، وهذا نتج عن انقسام كبير داخل الجماعة الأم بعض النظر عن تصنيفات كل طرف للآخر.
ونتذكر في المواجهة الكبرى بين الاخوان والنظام السوري في نهاية السبعينيات كيف تركت هذه الأزمة أثرا بالغا وصنعت انشقاقات ومجموعات.
كل الازمات والمحطات الكبرى صنعت تحولات مهمة تنظيمية وسياسية داخل الجماعة، واليوم هي جماعات بغض النظر عمن يعتبر نفسه شرعيا وآخر منشقا، فكلهم خرجوا من بيت واحد..
(الغد)