منذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية ، وهو يولي الصحافة والإعلام اهتماماً خاصاً ، لأن جلالته يؤمن بان الدولة المتحضرة والمتقدمة ، لا بد لها من إعلام حر ونظيف. وطالما انحاز جلالته إلى الإعلام المهني ، الذي يراعي المصالح العليا للوطن ، وطالما حث حكوماته ، على إيجاد الأرضية المناسبة ، لدفع الإعلام الوطني ، إلى أعلى مراتب المهنية ، من خلال توفير الدعم والتشريعات ، التي تضمن ذلك.
أمس الاول ، سجَّل جلالته بسجله المخطوط بماء الذهب ، إنجازاً جديداً في مسيرة دعمه للصحافة والإعلام ، عندما قبل استقالة أحد الوزراء في حكومته ، لم يتعامل مع الإعلام والصحافة كما يجب ، والحقيقة ، أنني وزملائي رؤساء تحرير الصحف ، سمعنا كثيراً من جلالته ، كلاما مباشرا ، يشكل دعماً حقيقياً لمسيرة الإعلام والصحافة الأردنية ، وجلالته - كما يعرف العالم كله - يؤمن تماماً بحرية الصحافة المهنية ، التي تنشد الحقيقة ، بعيداً عن اغتيال الشخصيات والانجازات الوطنية.
ليس خافيا ، الاهتمام الملكي بالاعلام الوطني ، باعتباره عيون الناس على الحقيقة ، وإحدى ركائز الديمقراطية. وقد شكلت الاسهامات الملكية المتميزة ، لتطوير قطاع الإعلام ، نبراسا للعاملين في هذا القطاع ، للمضي قُدما في تحقيق الاهداف المنشودة ، الرامية الى تفعيل قدرته ، للقيام بدوره المهم في مسيرة الوطن ، نحو التنمية والتطوير والتحديث.
ان الرعاية والدعم الكبيرين ، اللذين يوليهما جلالة الملك عبدالله الثاني وحكومته ، للحريات الصحفية ، لجهة ضمان السقف المفتوح من الحرية المسؤولة ، وبان تكون الصحافة بالفعل ، سلطة رقابة حقيقية ، تمتلك حق الوصول الى المعلومة ، وتمارس دورها بشفافية ، تستوجب منا ، نحن ابناء المهنة جميعا ، ودون استثناء ، مواصلة الانطلاق بمسيرتنا ، بجهود مضاعفة ، وبمزيد من حشد الطاقات ، وتحسين القدرات ، من اجل الارتقاء بالمهنة ، بحرفية وموضوعية واستقلالية ، والالتزام باخلاقيات المهنة ونبل رسالتها ، والاخذ بعين الاعتبار ، مصلحة وطننا ، وخلق مناخ إعلامي معافى ، يمارس قدسية حرية التعبير المسؤولة.
لقد نفذت الحكومة ما التزمت به ، في بيانها الوزاري ، وبتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ، حيث اعتبرت حرية الإعلام مصونة ، ولا تخضع الا لضوابط القانون ، وأخلاقيات المهنة ، ودفعت خلال مسيرتها ، نحو ايجاد شكل للعلاقة مع الإعلام ، تكون متكافئة وغير قائمة ، لا على النفعية ، ولا الاحتواء ، أو ما شابه ، وإنما تكون حصريا ، لخدمة الوطن والمواطن ، كما يريد قائد الوطن ، ايماناً منه بأهمية رسالة الاعلام ، الملتزمة بالموضوعية والنزاهة ، البعيدة عن التجريح ، والمنافع الشخصية.
إن ممارسة حرية الرأي والتعبير ، يجب ان تكون محكومة بقواعد الامتثال لشرف المهنة وأخلاقياتها ، والضوابط القانونية ، لكي لا تفقد الصحافة نقاءها ومصداقيتها.
الصحافة ، يجب أن تكون بالشكل والمضمون ، على الصورة التي تعكس الواقع القائم ، وتعبر عن حقائق الأشياء ، التي تعتمل طبقات المجتمع على اختلافها ، دون زيادة أو نقصان ، وبشكل يراعي الرسالة المقدسة ، للعاملين في هذه المهنة.
ان الرؤية الملكية للاعلام ، تستهدف تعميق رسالة الصحافة والاعلام التنويرية ، بعيدا عن التجاوزات ، ومظاهر الخلل ، التي تضعف من ادائها وفاعليتها ، لكي تتقدم بوظيفتها ورسالتها ومهامها ، في تنوير المجتمع ونقد السلبيات وتصويب الأخطاء ، برؤية إبداعية وعقلانية ، قادرة على إيصال الحقائق ، دون تشويه او مبالغة او تزييف ، لتواصل السير باقتدار ، على دروب الخير والبناء والتقدم ، وإحداث التحول في واقع الحياة الديمقراطية وإشاعة الثقافة ، التي تفتح الطريق أمام المجتمع ، للاضطلاع بواجباته ، في تطوير العمل الديمقراطي ، ومضامين المشاركة الشعبية ، في عملية البناء والتنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي.
إن انحياز جلالة الملك للصحافة والاعلام ، يفرض علينا ، نحن الصحفيين ، أن نرتقي إلى مستوى هذا الانحياز الملكي ، وذلك بالتكاتف خلف قيادته الحكيمة ، لدفع مسيرة وطننا إلى الأمام دوماً ، بنفس مهني وطني عالْ وهمَّة لا تعرف الملل.
المقالة عن يومية الدستور للزميل رئيس تحريرها ..