أعرف من بعض اصحاب العمل من يرفض أو يقبل توظيف أفراد جدد بحسب المعلومات الواردة عنهم في «غوغل» محرك البحث العالمي على الانترنت، فما يقوله «غوغل» عن سيرة وسلوك الناس لا يعترضه نقاش ولا يقابل بالرد، لأنه بحسب مسؤول العلاقات العامة في احدى الشركات يوفر أرشيفا معقولا لمعرفة خفايا شخصية أو عملية تعتبر تزكية أو بمثابة انذارعن المتقدمين للوظيفة. ويتباهى كثيرون بأن اسماءهم في محرك البحث على الانترنت ذكر عشرات المئات من المرات وهذا يدلل على أنهم بالطبع أكثر أهمية لأنهم أشخاص يتداول العالم أنباء تحركاتهم ونشاطاتهم باهتمام متزايد!.
أنا في غوغل إذن أنا مهم ، وهو مايحرص عليه الباحثون عن ذواتهم للتأكد أن اسمهم يفترش، كل مرة يديرون فيها محركات البحث، مساحات أكبر تتناسب طرديا والأهمية . مصيبتنا في بحثنا عن أنفسنا أننا لا نصنع الخبر لكن ندع غيرنا يقدمه لنا ، فإذا أردت مثلا أن تبحث عن أديب أو مؤرخ أو عالم لا تحصل على مادة ثرية ولن تجد منها إلا فتاتا لا يندرج أيٌ منها تحت باب المعرفة الكاملة، والأصح أنك ستجد نتائج ومعلومات هامة ومواد غزيرة ذات قيمة إذا ماقورن البحث عن ذات الموضوع باللغة الانجليزية.
في الجانب الشخصي يبحث العرب فضولا ً في أسماء بعضهم، وهذا هام من ناحية لا ننكرها للتعرف إلى جانب من شخصية من نريد أن نتعرف إليه أكثر، لكن من ناحية الانتاج المعلوماتي فنحن، بعكس الانتاج الالكتروني الأجنبي، فقراء كما نحن في جوانب كثيرة من الحياة، لذلك نضطر للجوء إلى مصادر أجنبية للتعرف على أمور تخصنا.
كان يصيبنا أرق كبير ونحن طلاب على مقاعد الدراسة الجامعية حين يطلب منا إعداد بحث لمادة دراسية، ذلك أن غوغل لم يكن متوافرا وكنا نتيه بين الكتب لأيام قبل أن نعثر عما نريد، وتحدث اعلاميون وباحثون أكثر من مرة عن معاناتهم مع فقر التجربة العربية في التدوين، وربما ما قالته الاعلامية ديانا مقلد «إنها معضلة المؤرخ القديمة فمَن يسعى للبحث في التاريخ الإسلامي مثلا بصفته مادة مدوَّنة لن يتمكن من تفادي اللجوء إلى مراجع غير عربية. اليوم يتكرر هذا الأمر مع «غوغل» عندما نطلب منه افادتنا عن قضايا متعلقة بنا سيستعين للأسف بمخزون متواضع!»
أما عما يبحث العرب على شبكة الانترنت فهو ملف مطول على حلقات فتحته جريدة ايلاف الالكترونية، خلص من خلال استقراء ودراسة مؤشرات بحثية أن الأمور المبحوث عنها ليست ذات جدية أو أهمية بل يقع معظمها في مجال الترفيه والأمور الهامشية والتابوهات، أما في التواجد القوي كمنتجين للمعلومة ومدونين مؤثرين فلا يبدو أن هذا سيحدث، المهم أن تبقى أسماؤنا موجودة وممتدة في غوغل.
الراي.