وصفي التل .. الوطني المخلص وشهيد الهوية
د.طلال طلب الشرفات
28-11-2022 02:31 PM
لا يحتاج الشَّهيد الوطني الحرّ وصفي التل أن يُنصفهُ أحد؛ لأن تاريخه كُتبَ بالدَّم، والإنجاز، والانتماء للتراب وقضايا الأمة العادلة، والولاء الصادق لمؤسسة العرش قولاً وفعلاً، فما كان وصفي موظفاً كبيراً في أروقة الدولة وفضاء الحكم؛ بل كان زعيماً وطنياً تلمّس رؤى القائد العظيم الحسين الباني -طيب الله ثراه- وأجاد تحمل المسؤولية في ظرف وطني دقيق آنذاك؛ بل نجح بامتياز في التفريق بين التزامنا الشريف تجاه قضايا أمتنا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وبين كرامة الدولة وهيبتها وهويتها الشريفة التي لا يعبث بها حاقد أو متآمر أو جبان.
كان وصفي ورفاقه سنان الرمح في الدفاع عن فلسطين، وعون القائد وجندي الوطن الأمين، لم يقل كلمة لم يعنيها، ولم يلقِ خطابات الزيف والخداع والوقيعة كما هو الحال اليوم، إنَّما كان وفيَّاً لشرف التكليف، وقدسية المهمة. ورجلاً شجاعاً حُرَّاً لم يرتد أقبية الليل، ومستنقعات النميمة، أو مجالس الوقيعة والنفاق والاستقواء والإقصاء. كان نبيلاً في سلوكه ومشرقاً في محيّاه حتى نعاه الحسين العظيم يوم ترجّل في أرض الكنانة شهيداً ملأ الكون رجولة وانتماء لوطنه وقيادته الهاشمية الشريفة.
لم يغادر الشَّهيد الحرّ أفق الجندية ومساحات الانضباط العسكري والسياسي، ولم يصطنع الهيبة -كما هي الحال اليوم- من رواد الوهم واختلاق الفهم، بل كانت جزءاً من سلوكه النبيل الذي حظي بتقدير القائد والشعب في آنٍ واحد. شخصية وطنية أصيلة لم تغرها المواقع ولم تقترب لحظة من سوء الدوافع، قامة كبيرة تجاوزت كل متلفات الوطنية؛ الجهوية، والعرقية، والطائفية إلى أفق الوطن الحرّ المكلّل بالطيبة والأصالة والشجاعة والانتماء. مكانة رفيعة لم يصطنعها بل صنعها النُّبل والشَّرف والشَّجاعة وأمانة المسؤولية والثقة المستحقة التي أولاها له الحسين العظيم.
ميزة الشهيد الحيُّ في سجاياه، ونبل نواياه، وزهده في مترفات الحياة والمواقع، وشجاعته في تحمل المسؤولية، واستجابته النقيه لتوجيهات القيادة بشرف، واستماعه الحصيف لاحتياجات الناس، ورأي أهل الاختصاص والمشورة الصادقة. كان الشهيد وصفي التل يشبهنا ولا يتآمر على أحلامنا وخطابنا الحرّ بأن نكون للوطن والقيادة، برَّ بقسمه وأخلص في عمله، تظنهُ أحياناً فلاحاً بسيطاً وحراثاً في حاكورته يشق عباب الأرض إنجازاً، وإذا كان مع أجنبي تجده نبيلاً ذكياً حذراً شجاعاً يقتنص اللحظة والجملة لخدمة الأردن وأهله وقيادته.
ما أحوج رجال الدولة اليوم لتمثل سجايا وصفي وصدقه ونبله في الاستجابه للتوجيهات الملكية، وما أحوج الوطن اليوم لنخبة صادقة تحفظ للوطن هويته، وتصدق القائد بالرأي المجرد الخالي من النفعية، والمصالح الضيقة، والاصطفاف المشين، والشللية المقيتة، والوقيعة المعيبة، وخطاب النميمة، والرأي المزور تلك التي تفتكُ بالوطن وقداسة مسيرته. ما أحوجنا اليوم إلى تمثل أمانة المسؤولية التي سلكها الشهيد وصفي بأخلاق الفرسان، وإنجاز رجال الدولة الكبار.
رحم الله الحسين الباني، والشَّهيد الحرّ وصفي التل، وحفظ الله الأردن الحبيب حرَّاً عزيزاً مهاباً وشعبنا الأصيل ومليكنا المفدى وولي عهده الأمين من كل سوء، اللهم آمين.