إحدى وخمسون سنة مضت على استشهاد البطل وصفي التل وما زالت الدموع تذرف عليه وعلى مر السنين، ما زال وصفي ماثلا بيننا بجوهره وهيبته ومقامه الأليف، وعلى كثرة النكبات ما زال وصفي يعيش في قلوبنا، وكلما مرت الحادثات ازددنا شوقا له وهو يعيش في قلوب لم يعاصرها وصدور لم يرها، وشخوص لا تعرف صورته وإنما تتخيل ملامحه وتتذكر افعاله.
كلما مرت السنون بعثراتها واحداثها ومرارتها تعمق حب وصفي وتعللت النفوس بالآمال واستشرفت شخصية وصفي وجرأته وخططه واحلامه وارتسمت ملامحه في ثنايا القلوب، وتندرت القلوب والعقول على ما يجري بيننا ويتكرس يوما بعد يوم من الاحباط والضياع وتشتت الهوية وغياب الإنتاج ونضوب العدالة.
لا يمتلكون الجرأة ليكونوا مثل وصفي ولا يمتلكون اقل منها ليحققوا بعض ما حققه ولا يرغبون في استذكاره ولا في الحديث عنه الا من باب المجاملة وغلبة رأي المحبين العاشقين.
لا يمتلكون بعض جراته ليكونوا منصفين ولا يمتلكون جزءا من ارادته ليكونوا منتجين ولا يمتلكون نزرا من حيائه ليكونوا عادلين ولا يمتلكون بعضا من نزاهته ليكونوا عفيفين.
عشق وصفي بيادر القمح والشعير وعشق الزراعة وافلح ونجح في إقامة مشاريع كثيرة ما زالة ماثلة إلى يومنا هذا (الطريق الصحراوي، الجامعة الاردنية، قناة الغور الشرقية الفوسفات، البوتاس، الإذاعة، التلفزيون... الخ).
لا يجرؤون ان يكونوا مثل وصفي في منح الحريات وشرف الدفاع عن المقدسات ومحاربة الفساد وبناء جسور المحبة مع الناس، ولهذا دفعته جرأته وتضحيته في سبيل فلسطين ليفقد حياته في مصر التي غادر إليها على الرغم من معرفته بخطورة الوضع الا انه ولحبه لفلسطين آثر الموت على البقاء.
لا نفيك حقك يا وصفي مهما بلغنا من الفصاحة والبيان، ولكن خير الكلام ما قل ودل.