لا فرق أن تكون هاء الملهمة بالكسر أم بالفتح ، فكلا المعنيين اللذين تؤديها الحركتان بحق الهاء تُعطي لقطر الحبيبة حقّاً مُستحقّاً بما أنجزت وتنجز حتى استحقّت بكلِّ لؤلؤها أن تكون لؤلؤة العالم ، وأيقونةً للإنجاز ،وقلعةً للصمود والحفاظ على الثوابت ، دون أن ترتجف أمام كل الرياح التي حاولت اقتلاعها فمرّت - والحمد لله - برداً وسلاماً على قطر.
قطر لا تملك البوارج ولا الجيوش الجرّارة ولا تسعفها الجغرافيا المحصورة جداً ، ولا الديمغرافيا المحدودة كذلك كي تؤكد من خلالها وجودها العسكري المؤثر ، أو تفرض رأيها بفوّهة المدافع العملاقة وحمم الطائرات النّفاثة ، ولكنها قطر التي تناغمت فيها قيادتها وشعبها لتشكّل علامة فارقة في ظلّ اختلال هذا العالم الذي يعلو فيه من يمتلك مشروع القوة الغاشمة وليس المشروع الحضاري الحقيقي المرتكز على إنسانية الإنسان وسلامة فكره وسموّ ثقافته وفطرته .
قطر صنعت لها مجداً وحضوراً عالمياً في الإنجاز الذي يمكن إنجازه ، وبالتأكيد فإنها لا تتحمّل وحدها مسؤولية تفريط غيرها من العالم العربي والإسلامي الذي يستطيع أن يقود العالم لو أراد من يملك الأمر فيه ، أو استطاعوا أن يكون لهم من الأمر شيء ، فضلاً عن توفّر النيّة والقصد لذلك .
قطر تُجدّف وحدها في بحرٍ متلاطم في دعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية متسلّحةً بالإرادة والقدرة على المناورة والمحاورة وصدق المحاولات. والنتائج ربما وبسبب كل المعيقات لا ترقى لطموحها كدولة ولا إلى طموحنا كشعوب عربية مقهورة تسعى إلى الإنعتاق والتمكين.
ولكنها قطر في ذات الوقت التي تحقّق النجاحات الكبيرة والكثيرة فيما يعود على شعبها من خدمات ورفاهية وتطوّر وتحديث ولا تعدم آثاره الإيجابية كثير من شعوب المنطقة والعالم من جوانب متعددة.
فقطر كانت رائدةً بأن وضعت لها قدماً كبيرةً جداً في مجال التأثير العالمي من خلال قناة الجزيرة الفضائية وهي الأولى في الشرق الأوسط والأقصى والثانية عالمياً في الإنتشار والتأثير والمهنية.
وطيرانها يتبوأ مكاناً متقدماً عالمياً ومتصدّراً في كثيرٍ من الأحيان . وفي مجالات التعليم والصحة والرفاهية فإنها تخطو بثبات نحو القمّة.
قطر تنجح بأن تسبق الكبار في آسيا وتنظّم أكبر فعاليةٍ في العالم على مستوى الرياضة وها هي تُبهر العالم إلا الجاحد والحاسد والحاقد منه بسحر تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم في نسخة 2022 باقتدارٍ راهن على الشكّ فيه بعض المهزومين وبعض المشفقين ، واستطاعت قطر الكبيرة بتصميمها وإرادتها أن تنجح أيّما نجاح وتفرض رأيها ورؤيتها المستندة إلى تراث أمتها وحضارتها وثقافتها ودينها بلا غلوٍّ ولا تفريط.
قطر نجحت وتنجح فيما هو الأهم والأمثل والأجمل وهو المحافظة على منظومتها القيمية في الوقت الذي يتخلّى فيه الكثيرون عن ذلك طوعاً أو كرهاً ، ولسان حالهم ما قاله غاندي يوماً " قد أترك نوافذَ بيتي مشرعةً لتهبَّ منها رياحُ الحضارة ، ولكن لن أسمح لها أن تقتلعني ".
قطر تستحق أن تكون موضع فخرٍ لنا وتستحقّ منّا الدعاء بأن يحفظها الله ويرعاها ويوفّقها للمزيد من النجاحات.