جملة سياسية من المونديال العربية!
د. حازم قشوع
27-11-2022 12:21 PM
هنالك انواع عديدة من الدبلوماسية منها ما يندرج في الإطار الرسمي عبر السفارات وفي المحافل الدولية والاقليمية واخر ما يتأتى من الاطر الشعبية عبر الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني منها ما يتكون من خلال الجسم البرلماني والذي يعرف بالدبلوماسية البرلمانية واخر ما يمكن مشاهدته في المونديال عبر نماذج مختلفة من حشود جماهيرية تعبر بمسيرها عن محتوى ومضمون سياسي وثقافي تميزه التعددية وتمتاز به رسائل المحتوى وذلك بما ترسمه من تعبيرات وتجسده من شعارات يعرف بالدبلوماسية الرياضية.
وهو المحتوى الذي تشتبك فيه الثقافات الانسانية ضمن مسارات معرفة وإن كانت غير محددة بضوابط مبينة وتتشابك معه وعبره النماذج الحضارية للبشرية ضمن محتوى رياضي واحد كما تعبر الهتافات الجماهيرية خلاله عن رسائل شعبية مباشرة تنقلها الشعوب بطريقة مباشرة وتعود لتتناقلها لحواضنها المجتمعية عند عودتها بطريقة غير مباشرة بواسطة الصورة الانطباعية التي تأخذها وتكونها اثناء عملية التجوال وآليات التشجيع والظروف العامة التى واكب زيارتها المونديالية.
ومن وحي ادراك دولة قطر لاهمية اللحظة التاريخية التي تقف عليها فقد استطاعت ان تكون صورة انطباعية ريادية للمحتوى الحضاري الذي تقف عليه منطقة مهد الديانات السماوية بموروثها العربي الاصيل ومحتواها الانساني التليد وهو ما جعل من القيادة القطرية بقيادة الشيخ تميم بن حمد من احتواء كل الاتجاهات الفكرية بفضاء واسع وحتى الاسهم الحادة تلقتها بدرع مانع وناعم.
وهي السهام التي حاول البعص توجيهها للمونديال القطري عبر حملات حملت المثلية عنوان لحرية التعبير وقيمة لشعائر الممارسة واخرى تناولت قضايا العمالة اضافة لبعض الاتهامات الضمنية التي تحدثت عن عدم الاهلية وهي الاسهم المباشرة التي حاولت ان تنال من أهلية قطر بتظيم المونديال وذلك بعد صفقة قطر لتصدير الغار للصين لمدة 27 عاما والتي جاءت اثر منع الحملة الاعلامية للمونديال من قبل عمدة لندن على الرغم من حجم الاستثمارات الكبير للصندوق القطري في انجلترا وامتلاكه لمجموعة هارودز وربع مطار هيثرو اضافة ومجموعة عقارية كبيرة اضافة لاستحواذه لاسهم بعض الاندية الانجليزية
كما يمتلك بفرنسا نادي باريس سان جيرمان احد اهم الاندية الفرنسية وهذا ما قد يجعل من قطر تعيد ترسيم اسثماراتها بعد المونديال كما الدول الخليجية وهي رسالة إن حدثت ستصبح بالصميم.
وعلى الرغم من ظهور الخبايا التي تقف وراء هذه الهجمة إلا أن الدولة القطرية استطاعت أن تتجاوز هذه التحديات بطريقة واثقة من ذاتية الاهلية وارضية عمل مشتركة مع الفيفا جاءت من على مرتكزات قيمية شكلت محتوى مانع وعبر معاني من الالتفاف العربي والاقليمي والدولي الواسع الذي عبرت عنه رسالة الافتتاح بمشاركة الزعماء العرب ونوعية الحضور وحجم المشاركة.
وهو ما شكل توق عربي في الدفاع عن دوحة العرب كما بينه وزير الرياضة السعودي الامير تركي بن فيصل عندما قال من لا يحترم ثقافتنا بامكانه عدم المشاركة من دون ضجيج قد يؤثر على طبيعة المناخات الايجابية التي تسود المونديال وهو التصريح الذي يأتي مع استعداد الرياض لاستقبال الرئيس الصيني شي جين بينغ في شهر ديسمبر القادم الموعد المتوقع لوقف اطلاق النار على الجبهة الاوكرانية الروسية.
وفى توقيت يأتى بعد مغادرة القيادة الامنية الامريكية للرياض ودخول القوات التركية للشمال السورى بسياق متصل بهدف تشكيل منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي وهذا ما يشرعن مسألة تقسيم سوريا على حد تعبير بعض المتابعين مع دخول الحالة الفلسطينية بجملة استخبارية من على ارضية حادة بالتنفيذ على اثر تشكيل حكومة نتنياهو وبن غفير في تل أبيب.
وهذا ما قد تقود لترسيم محددات جديدة بطريقة احادية وتسمح بنيال الشعب الفلسطيني بطاقة العضوية العاملة في الامم المتحدة الامر الذي يجعل من المنطقة تعيش اجواء حادة مع تنامي التهديدات الايرانية التي اخذت تهدد سلامة اجواءها ما قبل مع انقشاع ظلال المونديال التي تشير استنتاجاته ان حال المنطقة لن يكون كما قبلها هذا اذا سلمت اجواءه للنهاية على حد استخلاص بعض القراءات الامنية؟! فان اليقظة تصبح واجبة.
فهل انزاحت انظمة المنطقة عن الظلال الغربية بعد المصالحة المونديالية واخذت تتمركز بمساحة اخرى هذا ما تقوله مساحات التحرك الفاعلة في المنطقة وهو سؤال سيبقى برسم الاجابة إلى أن يرفع كأس المونديال!
لكن نجاح مونديال دوحة العرب لم يقف عند حد الابداع في التنظيم والوقوف عند نوعية المشاركة وتحقيق ارقام لواسع متابعة بلغت اربعة مليارات متابع لكن المونديال القطري تجاوز كل ذلك واخذ، يرسم ابعاد سياسية لفضاءات سلمية ويشكل ارضية مصالحة وتوافق عربي عربي، وعربي اقليمي ودولي كما شكل انطباع ايجابي عن مدى اهلية منطقة مهد الحضارات بالتنظيم وثقافة شعوبها المتصالحة مع قوام الحضارة الانسانية ومحتواها الاصيل لتسجل بذلك علامة فارقة في التاريخ الحديث وهو ما جعل من مونديال قطر ينقل صورة المنطقة السلمية ونموذجها في التعايش السلمي الآمن والمستقر وهذا ما بدد الصورة الانطباعية التي كانت بأذهان بعض المجتمعات عن هذه المنطقة ورسالتها.
وفي سياق متصل فقد اظهر المونديال القطري المكنون العروبي الذي تتوق اليه الشعوب العربية في التمثيل عبر تناغم الكل العربي مع ممثليه من الدول المشاركة في المونديال وهي ظاهرة تستحق الدراسة بكل عناوينها فالشعوب العربية هتفت لعروبتها للمنتخب القطري والسعودي والمغربي والتونسي وكانت الراية المميزة في كل اروقة المونديال هي الراية الفلسطينية لما تشكله القضية المركزية للأمة من رمزية الأمر الذي جعل من مونديال قطر يشكل دوحة للعرب منارة نشطة للدبلوماسية الرياضية.