رسالة لسفيرة امريكا بعمان
د.حسام العتوم
26-11-2022 12:25 PM
ابارك بداية للسيدة يائيل لامبرت سفيرة الولايات المتحدة الامريكية الشابة في عمان عاصمة مملكتنا الاردنية الهاشمية مباشرة عملها، ولقد اسعدني بعد مشاهدتي لفيديومن عام 2021 يصور ويتحدث عن بساطة سعادتها وحبها للاردن وللمأكولات الاردنية ومن بينها "الشاورما"، ويستعرض معرفتها باللغة العربية وربما ايضا قد تكون عارفة بلهجاتنا الاردنية، وهو امر مطلوب لسد الفجوة بين الدبلوماسية الشعبية والرسمية، وبطبيعة الحال امريكا صديقة كبيرة للاردن، وداعمة ومساندة قوية لنا هنا وعلى كافة المستويات، وصفحة السفارة الامريكية على الفيسبوك تعكس صورة لهذا الدعم المتين، وبكل تأكيد فأن سعادتها تتمتع بشخصية قوية منفتحة على السياستين الخارجية والداخلية الاردنية، والسفارة الامريكية بالذات نشطة وقادرة على مراقبة ومتابعة الشأنين الاردني والعربي وكذلك الشرق اوسطي، وشخصيا لا اجد حرجا بمصافحتها وتقديم احدى كتبي في السياسة الروسية هدية لسعادتها ودعوتها على منسف اردني والى حوار هادف بناء في السياسة الدولية، وسبق لي ان التقيت سائحين امريكان وشاركتهم الدبكة الاردنية في مدرج مدينتي جرش الجنوبي، وفي نهاية المطاف علاقة امريكا مع بلدي الاردن ومع بلادنا العربية عريقة، نلتقي كبشر وننسجم في المواقف الرسمية ونختلف في الاقليم وفي الدوليات، وعلى قاعدة الاختلاف في الرأي والموقف لا يفسد في الود قضية.
والسفارة الامريكية قلعة في منطقة عبدون وسط عاصمتنا الجميلة عمان، وهي محروسة من قبل عيون الاردنيين، وصفحة السفارة دليل للاردني ليعرف حجم بعض تفاصيل المساعدات المالية الامريكية الكبيرة للاردن والتي ارحب بها خاصة في زمن غياب وحدة العرب وبلادهم الغنية بالمصادر الطبيعية، فمنذ عام 1951 وكما قرأت فأن امريكا قدمت للاردن اكثر من 20 مليار دولار، ومذكرة تفاهم جديدة اردنية – امريكية لتقديم 6,5 مليار دولار للسنوات الخمسة القادمة، ويستفيد الاردن من عضوية منظمة التجارة العالمية، وبخصوصها زادت نسبة التجارة بين البلدين الصديقين، ودعم امريكي متواصل للقروض الاردنية بحجم 75 مليار دولار تحقق وفرا ماليا للاردن مقداره 600 مليون دولار، ومساعدات صحية امريكية للاردن ملاحظة، وفتح 349 عيادة طبية و25 قسما طبيا اخرا، ونجاحات من حيث الكم في مجال التعليم عبر تدريب اكثر من 8 الاف معلم ومشرف منذ عام 2016، وبناء 28 مدرسة وتحديث 120 مدرسة غيرهم منذ عام 2002، ومساعدات امريكية في مجال تزويد عمان بالمياه العذبة، واسناد لشبكة الصرف الصحي منذ عام 2000، وتقليل فاقد المياه وزيادة اثر مياه الديسي الجوفية بضخ 100 مليون متر مكعب اضافية الى عمان وشمال الاردن.
وهنا وفي مجال دعم واسناد البنية التحتية الاردنية ماليا وعبر برامج وافكار جديدة متجددة، اقول وكل الاردنيين يقولون شكرا لامريكا، وفي المقابل لا يوجد مايمنع سرايان الحوار بين الاردنيين وماكنة اعلامهم المهنية، وبين العرب كذلك واعلامهم المهني ايضا وبين امريكا وسفاراتهم وسطنا، والقضية الفلسطينية العادلة تاريخية عريقة منذ عامي 47 48، وهي محتاجة لاسناد دولي لتحقيق حل الدولتين، فلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة مع تجميد المستوطنات اليهودية غير الشرعية، الى جانب دولة اسرائيل، وضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المنادية بانسحابها الى حدود الرابع من حزيران، والتي في مقدمتها القرار 242 الصادر عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة بتاريخ 22 نوفمبر 1967، بمعنى مغادرة اسرائيل للاراضي الفلسطينية وللقدس الشرقية، وللهضبة العربية السورية "الجولان"، ولتلال وهضاب مزارع شبعا اللبنانية، وبالمناسبة فأن الامم المتحدة التي اضفت الشرعية على "اسرائيل" عام 47 هي نفسها التي رفضت شرعيتها فوق الاراضي العربية عام 67، وتستطيع امريكا ان تلعب دورا طليعا في مجال اعادة الحقوق العربية السيادية الى عرينها العربي تماما كما تطالب روسيا الاتحادية بذلك في المحافل المحلية والاقليمية والدولية.
وكما هي امريكا صديقة لنا هنا في الاردن فان روسيا صديقة لنا ايضا الى جانب دول العالم، ولا تعتبر روسيا نفسها عدوة لامريكا على المستووين الرسمي والشعبي، وسبق ان وجهت دعوة لها لقبولها حتى في حلف (الناتو) عام 2000، ومع تقلب الزمن المعاصر اصبحت روسيا تستخدم مصطلح (حلف الناتو) المعادي لها، لكنها اي روسيا ومنها السوفيتية اجرت محاولات عديدة للتقرب من امريكا ولمصادقتها، وكان الرؤساء الاميركان يزورون موسكو باستمرار، ومن بينهم الرئيس دونالد ترمب الذي عمل بصفة رجل اعمال قبل وصوله للبيت الابيض، ولقاءات مستمرة في ميونخ وفي جنيف، ومصافحات وابتسامات، وخط عسكري ساخن مع دول (الناتو) كافة بقيادة امريكا، ولقاءات استخبارية علنية روسية – امريكية مضامينها سرية كان اخرها على هامش العملية العسكرية الروسية الحرب مع غرب اوكرانيا والغرب كاملا في مدينة انقرة التركية بين مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين ومدير الاستخبارات الامريكية وليام بيرنز بتاريخ 17 نوفمبر 2022.
وفي الشأن الاردني المرتبط في الدولة الروسية لازالت هناك امور عالقة من دون تفسير مقنع، فمثلا طائرة الملكية الاردنية، والتي تشكل جزءا هاما من هويتنا الوطنية الاردنية لم تعد قادرة على تشكيل جسر رابط بين عمان وموسكو، وتعتقد شركات الطيران الاردنية بأن المشكلة تكمن في موقف امريكا من روسيا فيما يتعلق بالحرب الاوكرانية، والسؤال الذي سبق لي وطرحته على سفيرنا في موسكو السيد خالد الشوابكة الصيف المنصرم في مكتبه هو ما مصير الاردنية، وماهو ذنب الاردنيين الدبلوماسيين ورجال الاعمال والسياح والطلبة بمثل هكذا ازمة طيران، واجاب بأن الجواب باق في عمان، ولدينا مشكلة جديدة ظهرت قبل ايام مفادها بأن امريكا وجهت سؤالا له علاقة برجل اعمال كبير له علاقة به وامواله الكبيرة مباشرة مع روسيا، علما بأن استثماراته انقذت البلد، وانعشت العمالة الوطنية التي كانت تعاني وبشكل ملاحظ اكثر من الفقر والبطالة، والاردن محتاج للاستثمار الاردني، والعربي، والاجنبي.
وعلى صعيد مقالاتي التحليلية في الشأن السياسي الروسي والاوكراني والدولي، وكتبي ايضا تباعا مثل (روسيا المعاصرة والعرب)، و(الرهاب الروسي غير المبرر)، والجديد القادم حول الحرب الاوكرانية، ورغم النقد البناء والموضوعي فيهم للغرب والامريكا تحديدا، وطرح البديل وللافكار الجديدة عبر عصف ذهني، وسعة خيال، وسرعة بديهة، وذكاء، ودقة ملاحظة، وكلها صفات سايكولوجية، ارى بأنها خدمت وتخدم امريكا والغرب الى جانب روسيا الاتحادية بطبيعة الحال في نقل الصورة الواقعية والحقيقية ومن دون مكياج، والمعروف هو بأن المدح خاصة الدائم منه لا يبني، وتبقى الحاجة للرأي الاخر هي المطلوبة الى جانب الرأي الواحد، وفي الختام كل الازدهار للعلاقات الاردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني "حفظه الله" وبين الولايات المتحدة الامريكية برئاسة جو بايدن، ونعم لعلاقات دولية متوازنة تربط الاردن بكل دول العالم.