من اين جاءت هذه "الدموية" في علاقات الناس ، اطلاق نار وقتل واصابات ، ونحن لم نصل الى صناديق الاقتراع بعد ، وقانون الانتخاب سينتج نواب حارات ، وقد كنا نشكو لاننا كنا نريد نواب وطن ، فإذا بنا لم نحافظ حتى على نواب الدوائر ، فباتت بعد تقسيمها الى دوائر اصغر ، كحارات ، ولكل حارة مختار.
سابقا كنا نرى صور النائب في كل المدينة ، وفي وقت لاحق ، نرى صوره في كل دائرته الانتخابية ، واليوم لانرى صوره الا في شوارع الدائرة الفرعية ، حيث يتكدس جمهور الناخبين ، بحيث تم تصغير جمهور المرشح ، وبحيث تحول هؤلاء حقا الى نواب حارات.
مشكلة قوانين الانتخابات لدينا ، هي التفتيت الاجتماعي ، وتقسيم المقسّم ، ولاتعرف ماهي المصلحة في تفتيت العائلة والعشيرة بطريقة تزرع العداوات والاحقاد في صدور الناس ، ولاتعرف ماهو المقصود من وراء هذا الهدم للبنية الاجتماعية بحيث بات كل واحد قناصاً للاخر.
لاتقدر اليوم في الاردن ان تجمع اكثر من مائة شخص ، في مسيرة واحدة ، والسبب هو شدة اثار التفتيت الاجتماعي ، والتسبب بكراهية واسعة بين الناس وبين ابناء العائلة الواحدة.
كيف لا ، وهم يرون ان فلاناً في مرحلة ما يأخذ دعماً ، على حساب شقيقه او ابن عمه ، برغم ان كليهما من ذات الطينة ، فلا احدهما موال والاخر معارض ، وكلاهما ، من منبت سياسي واجتماعي واحد.
حرق مقرات انتخابية.اطلاق نيران.تمزيق يافطات.غاز مسيل للدموع ، وهكذا تطل المؤشرات غير المطمئنة برأسها ، وقد حذر كثيرون مراراً من التداعيات الاجتماعية ، فلم يسمعها احد.
هذه هي نتيجة تحويل موقع النائب من موقع رقابي وتشريعي يمثل كل البلد ، الى موقع للنفوذ والوجاهة والتحدي وفرد العضلات بين ابناء وطن واحد.
نواب حارات.نعم.ونائب الحارة لاتهمه سوى مصالح حارته الصغيرة والضيقة ، ولتحترق روما بعد ذلك.
mtair@addustour.com.jo
الدستور