الرغائبية في التحليل السياسي وليّ عنق الحقيقة لصالح نكاية او تصفية حسابات, ليست تحليلا سياسيا, واستضافة فضائيات لشخصيات مارسوا الكتابة او احترفوها عنوة لخدمة ما, لن تجعل من الشخصية محللة بل ربما تكون اقرب الى التحلل منها الى التحليل, فتطبيق اسوأ تعريف للعقل في التحليل السياسي, هو كارثة على " المحلل " الذي قد يصبح حسب التعريف الشعبي مُحلَلا لعودة الزوج الى زوجته وهذا مكروه كراهة التحريم, ومعنى العقل الذي اقصده للتعريف كما قال لينين ان يصبح العقل اداة طيّعة للتبرير, وبالتالي يصبح الولوج من شق التباين او الخلاف او النكاية بين مسننات الفعل الرسمي, خطوة او رافعة نحو الوصول.
زار الملك بالامس دار رئاسة الوزراء, لدعم وحث الحكومة على المضي قُدما في مشروع النهضة الثلاثي الاضلاع, وخلال الزيارة أمر الحكومة على الاسراع وحذرها من مغبة التراخي او التكاسل او التأتأة, لمَ لا, فهي حكومته, حيث تنص المادة الدستورية " تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام الدستور", لكن الزيارة واوامر الملك جرى ليّ عنقها, وكأنها انذار للحكومة او كرت اصفر بما اننا نعيش اجواء كاس العالم ومنافساته, وضاج المحللون في اطياف الفضائيات سواء الخاصة او قنوات الخدمة العامة التي تحولت وبخيط خفي الى تنفيذ رغائب وغايات مراكز قوى خارج الحكومة فاستمرأت نتف ريش الحكومة, والتأليب عليها وكأنها ممعنة في مخالفة اوامر الملك, ناسين انها حكومته, وتصدع لاوامره, لكن المحللون النشطاء ابدوا تاويلا عجيبا وكأنهم يخاطبون من يحسن اليهم, ولولا مهابة لقلت انهم ينفذون اجندته ولا يقومون بالتحليل, او يسألونه في اعماقهم ان كان هذا هو المطلوب لأجندتهم التي خبرها الاردنيون في اكثر من موقع وكانت حصيلتها الصفر مهما تكن الالة الحاسبة.
الملك يترأس للمرة الثالثة اجتماع مجلس الوزراء في حكومة الدكتور بشر الخصاونة ولا ادري ان كانت حكومة سابقة حظيت بهذا العدد من المرات, وهي الاولى بعد تعديل الحكومة ومنحها تفويضا جديدا بالعمل والانتقال من حكومة مهمة مواجهة وباء كورونا وتداعياته, الى حكومة تنفيذ واعداد برامج العمل للرؤية الاقتصادية التي خطت الحكومة فيها خطوات مهمة فالمدينة الجديدة جزء من الرؤية والانتقال الى الرقمنة ايضا, لكن الحكومة وعلى لسان رئيسها وفي حفل اطلاق الرؤية التزمت بالمسير في الخطة وفق القياس الوطني وما ينفع الناس ويخدم الملك, وليس وفق احلام غافت الواقع والقدرة الوطنية, فالاساس في اي خطة القدرة وليس الرغبة, والمقدرة المالية على التنفيذ, كذلك خطت الحكومة خطوات مهمة في تنفيذ خطتها لتطوير القطاع العام وعبر مسارين, الاول تنفيذي وهناك وزارة الاتصال كنموذج للتنفيذ, والثاني تعبوي او اختباري من خلال وزير لوزارتين لقياس الخطة على الارض, فالخطة ليست قدرا, ويمكن تطوير او التراجع عن بعض بنودها, وقد اوكلت الحكومة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي مهمة حوار وطني عام لقياس رضى الناس.
هل يعني هذا ان الحكومة مثالية وخالية من الاخطاء, بالقطع لا, لكنها خالية من الخطايا بكل تأكيد, والانصاف يقول ان المحلل يذكر الخطأ كما يذكر الصواب, على فرض انه محلل وليس متحلل لأجل ارضاء اولي الاحسان من معارضي الحكومة, الذين يبحثون عن اي طرف لالقاء اللوم عليه, لانهم يدركون ان ما جرى اعداده ليس منتجا وجرى اقحام المقر السامي فيه بوصفه منتجه وليس حاضنته الحوارية, وثمة فرق هائل بين الصورتين, وسبق ان قدمنا وبنفس المرجعية السابقة والجهة الاجنبية المنفذة مشروعا مماثلا, اثبت فشله وعدم جدواه, ولكن يبدو انهم لم يقرأوا جيدا قاعدو انشتاين, التي تتحدث عن اعادة التجربة بنفس الادوات.
قراءة ترؤس الملك لجلسة مجلس الوزراء, وليس زيارته لدار الرئاسة كما يقول بعض المحللين, فهذه حكومته ولا يزورها, تستوجب النظر من الاتجاهات كلها, فه دعم للحكومة, نعم, وتحفيز لها وترهيب لمن يتلكأ اي يعجز, نعم ايضا, لكنها ليست قرارا بالتصفية كما حاول بعض المحللين قولها, فالملك لا يحتاج الى تمهيد لاقلة حكومته, لكن هذا التحليل الذي ابدى تسامحا هائلا مع المحسنين اليه, لم يعد مقنعا وبات مكشوفا, ويبدو ان مسننات بعض المراكز بدأت تستشعر الرعب من القادم الذي بدأ يكشف كثيرا من الاختلالات في رؤيتهم التي حاولوا ان يلبوسها لباسا ليس لها, ويجب ترشيدها حتى لا نغرق مجددا في اوهام الاحلام الصيفية التي اودت بالثقة في كل اركان السلطة الى اماكن خطرة, نسأل الله السلامة منها واسترداد ثقة الناس بخطوات اجرائية واضحة وقابلة للقياس وملموسة الاثر.