أن يذهب الملك الى رئاسة الوزراء فهذه زيارة تحدث عندما يريد الملك ارسال رسالة للحكومة او بعضها، او عندما يكون هناك خلل او ضعف في الأداء يريد التنبيه عليه او للطلب من الحكومة ان تقوم بواجب او مهمة لم يتم تنفيذها او عندما يكون هناك مماطلة.
زيارة الملك امس الى رئاسة الوزراء كانت أهدافها واضحة من خلال الحديث الملكي الذي سمعه وقرأه الاردنيون والرسالة الاولى ان مسارات الاصلاح الاداري والسياسي والاقتصادي هي نهج للدولة ،اي لامجال لمحاولة تمييعها او تضييع الوقت في تطبيقها لاي سبب كان ،وان مكانتها تجعل منها معيارا لتقييم اداء الحكومات.
والرسالة الثانية التي اكدها الملك وأشار اليها في خطاب العرش مؤخرا انه يريد تنفيذا منهجيا دون تلكؤ او تباطؤ مهما كانت اسبابه ،ولولا ان الملك لمس ان الامور لا تسير كما يجب وخاصة في مسار التحديث الاقتصادي الذي تم انجازه قبل حوالي خمسة شهور تقريبا ولم يتم حتى الان انجاز الخطة التنفيذية، لولا ذلك لما تحدث بهذا الحزم والوضوح وهو الذي سمع وسمع الناس تصريحات ومواعيد لم تتحقق حتى الان .
الملك يدرك ان الملف الاقتصادي هو الاولوية لدى الناس ،وان مصداقية مسار الاصلاح يجب ان يلمسها الاردني في معيشته، وان التلكؤ مقصودا او نتيجة ضعف قدرات اي مسؤول يلحق الضرر بالناس وبمشروع الدولة وقدرتها على حل المشكلات.
ويعلم الملك ان اي دولة لايمكنها ان تتبنى مسارات كبرى لقضاياها السياسية والاقتصادية والإدارية كل يوم ،وان اي مشروع تحديث يجب ان يحقق نسبة عالية من النجاح ،واول الخطوات التنفيذ والايمان به من قبل الحكومات التي تكون حاضرة .
نتذكر مقولة جلالة الملك في خطاب العرش للمؤسسة العسكرية بانهم الاصدق قولا والاخلص فعلا ،وكانت رسالة للسلطات الاخرى بان تفعل مايجب وان تقتدي بأداء العسكر .
عندما يكون التلكؤ من اي مسؤول او حكومة في تنفيذ مايجب فالامر يدلل على ضعف القدرة تماما مثل الطالب الذي يواجه امتحانا لكنه يضيع الوقت لانه لايعرف كيف يبدأ ومن اين وماذا يجب عليه .
بعض الحكومات تخدمها ظروف داخلية ومواعيد فتحصل على فرص اخرى للبقاء ،وعليها واجب شكر هذه النعمة بالعمل والإنجاز وليس التوهان وتضييع الوقت ،وربما على الجميع ان يدركوا ان ترف الوقت ليس متاحا، فإذا كانوا لايعانون فان الناس تعاني وتنتظر الحلول .
اعتدنا من الملك ان يقرع الجرس ويرسل الرسائل لكل مسؤل لايقوم بواجبه ،والانسحاب الذي تحدث عنه الملك وطلبه من اي مسؤل عاجز عن الانجاز رسالة مهمة لاكثر من طرف .
من يماطل ولايقوم بعمله معلوم للملك لكنه يعطي الفرص لان مايهمه ان يحدث الانجاز، ومن يماطل ويرسل المواعيد في الهواء ولايتوقع ان تتم محاسبته عليها يعلم نفسه ويعلمه الناس .
مابين رسائل خطبة العرش ورسائل زيارة الامس عمل لم تتم المبادرة لإنجازه ،او حتى البدء به ،فالملك ابن الجيش يحب الصادقين في اقوالهم والمخلصين في افعالهم ،ومن منحه القدر فرصة لتولي المسؤلية فليقدم نفسه للناس ولقيادته بالعمل الحقيقي .
(الغد)