السحت الحرام .. والإنتخابات النيابية!
أ.د.فيصل الرفوع
25-10-2010 03:15 PM
المواطن الأردني ليس معروضاً كمادة لصراعات «حديثي النعمة» من اصحاب السحت الحرام و رأس المال مجهول النسب والهوية، كما أن انتماءة وولاءه لتراب وطنه الاردني وامته العربية الماجدة وقيادته لا يقدر بسعر او ثمن. و لم يعهد شعبنا الأردني ووطننا العزيز الأردن حمى تدخل راس المال السياسي واستغلال حاجة المواطن الاردني وفاقته وعوز عياله، وتوظيف ذلك للفوز بالانتخابات النيابية للبرلمان المقبل، على الرغم من وجود إستحقاق عقابي رسمي لكل من يثبت عليه إمتهان إستغلال المال للتأثير على الإنتخابات ونتائجها.
وإذا كانت الدولة الأردنية منذ تأسيسها في 1921 ، قد وضعت قدمها على بداية هامش سلم الديمقراطية وتعزيز حرية الانسان الاردني وكرامته، وقامت بمأسسة ألانظمة والقوانين التي ساهمت في تجذير العملية الديمقراطية والعمل السياسي، وتم تأطير العمل البرلماني الاردني بناءً على معطيات تتلاءم مع طبيعة المجتمع الاردني، إلا أن الانتخابات التى نعيشها هذه الأيام جاءت لنا بمعطيات جديدة، لا تلتقي مع الاخلاقية التي بني عليها الانسان الاردني، بل متجاوزة لكل المعايير والأنظمة التى تحكم العملية الديمقراطية ومتناقضة مع الاسس التي بني عليها سير الانتخابات النيابية، تتمثل هذه المعطيات بما يشاع حول ما يسمى بـــ»شراء الاصوات».
قد نختلف مع «ماركس وانجلز ولينين»، حينما اكدوا ان «..البرجوازية لا يمكن ان تكون قاعدة للعمل الوطني لان مصالحها هي الاولى بالرعاية من مصالح الوطن والدولة..»، إلا أن روآهم تلك حول لا أخلاقية المال تتجسد هذه الأيام في العديد من مفاصل الدول والكيانات السياسية في عالمنا المعاصر.
وبالرغم من ان هذا الامر ليس مسلما به دائما، لان البرجوازية في الغرب هي التي قادت التغيير وساهمت في بناء وطنها، حيث اطلق عليها «البرجوازية الوطنية». لكنني اجد نفسي مضطرا في هذا «الزمن الرديء»، وانا انظر الى وسلوكيات بعض المترشحين، الى التاكيد على ما ورد في كتاب «رأس المال» « لكارل ماركس» وما آمن به مع رفاقه «انجلز ولينين» وكل رواد «الاشتراكية العلمية»، حينما اعلنوا:» ... ان البرجوازية، نتيجة لأنانيتها، لا يمكن لها ان تقود العمل الوطني..!!!».
و بالرغم من أن العالم الثالث قد شهد ادواراً تخريبية قامت بها الطبقة البرجوازية ضد العقل الانساني وضمير المواطن، نتيجة لاستغلال حاجات وظروف الناس التي وجدوا انفسهم ضمن اطارها ومحيطها، فإن هناك أمثلة على مساهمة راس المال الوطني، بشكل او باخر، في التنمية المستدامة للعديد من اقتصاديات دول العالم الثالث ومن بينها الاردن. الا ان توظيف المال سياسيا هذه الايام في العملية الانتخابية ليس من شيم الاردنيين، ويتناقض مع توجهات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ومع الاسس التي بنيت عليها الدولة الاردنية، .
واذا كان المواطن ،اي مواطن، قد يجد نفسه مضطرا لبيع حق من حقوقه الدستورية لمن لا يستحقه، و بدراهم معدودات ، فان على الدولة الاردنية تفعيل الاجراءات الرادعة التي شرعتها لمثل هذه الجريمة الوطنية والاخلاقية والانسانية، والتي تقوم على استغلال آهات الناس وأناتهم.
أن هؤلاء «السماسرة» هم الذين سيقومون بالتشريع للوطن والامة ومصالحهما، واعتقد ان من يستثمر دموع الاخرين وفاقتهم، لا يمكن له ان يكون مؤتمنا على التشريع للوطن وسلامته ومصالحه، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
alrfouh@hotmail.com
(الرأي)