من قطر إلى الإنسانية جمعاء
راشد علي المعايطة
23-11-2022 09:27 AM
أي وزنٍ نمثله وسط هذا العالم الرهيب والمعقّد؟.
قبل كأس العالم كان العالم يسير معتدًا بذاته، لا يكاد يرى سوى نفسه، أنظاره مركزة نحو المستقبل وإن التفت إلينا لا يرى من بلاد العرب، سوى "محطة نفط" يتزود منها بالوقود ويمضي، جاءت قطر وقالت لهم: "نحن أكبر من مجرد بئر للنفط".
"من قطر إلى الإنسانية جمعاء"، حين نطق أمير قطر هذه الجملة لا أدري لماذا تذكرت مفتتح رسالة النبي محمد وهو يراسل ملوك العالم، وها نحن نخاطبهم اليوم ولو بصيغة مختلفة، عرفت قطر مداخل العالم الحديث وتسللت من منافذه الملائمة؛ كي تجبرهم على التوقف معنا.
نحن أمة من البشر لها وجودها الخاص، ميراثها وأحلامها، وبمقدورنا أن نقول للعالم كلمة جديدة، هذه المنطقة من العالم لم تقل كلمتها بعد، نحتاج فرصة؛ كي نقف أمامكم ونتحدث، هناك ما نعدكم به على مستوى القيمة والمعنى مهما كان واقعنا بائس ومحطّم.
"وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا" أن تصدَّح هذا الآية في مفتتح المونديال، آية من النص المؤسس لوجودنا، يُصغي لها نصف سكان الكوكب، هذا موقف باعث للزهو، لقد صار لنا حدث نعرِّف به أنفسنا أمام العالم، موقف جاد وليس مجرد لهو عابر للتسلية.
منذ القرن الثامن عشر لم تعد أوروبا والغرب يتوقفون كي يفتشوا لدينا عن شيء، معرفيًا وأخلاقيًا يعتقدون أن ليس بوسعنا أن نفيدهم بأي معنى جديد وأكثر من هذا لا يرونا جديرين حتى بمجرد اللعب معهم.
هذا النبذ هو أقسى عقوبة لحقت بنا منذ زمن طويل، وها هي قطر تكسر عزلتنا وتجبر العالم أن يسافر إلينا ولو لمجرد القعود على مدرجاتنا والمرور على شيء من ملامح وجودنا المنسي.