الانتخابات ووجه كازاخستان الجديد
د.حسام العتوم
22-11-2022 01:42 PM
قبل انتظاري نتيجة الانتخابات الكازاخية الجديدة التي دعا اليها الرئيس قاسم جومارت توكايف لتكون بتاريخ 20 نوفمبر الجاري 2022،و هو المرشح الرئاسي الى جانب خمسة اخرين مثل ) ميرام ، و جيجولي ، و كاراكات، و سلطانات ، و نورلان ) ، و ترشح سيدتين وسطهما وهما كاراكات و سلطانات مؤشر كازاخي ديمقراطي جديد يعطي اهمية لدور المرأة الكازاخية في التنمية السياسية في بلاد النفط و الغاز و الزراعة ، و الخالية من السلاح النووي ،و المركز الفضائي الهام انطلاقا من قاعدة " بايكا نور " ، لدي حدس كبير بأن الفائز الاكيد هو قاسم جومارت توكايف نفسه الذي عدل الدستور و لتصبح مدة الانتخابات الرئاسية من 5 الى 7 سنوات شريطة عدم السماح للفائز بتكرار ترشحه كما كان الحال في عهد الرئيس السابق نور سلطان نزرا بايف ، و الفرق بينهما ، و بين الماضي و الحاضر ، هو ان نزاربايف بحث عن الخلود لشخصه عبر محبته لوطنه الكازاخي لدرجة جعل العاصمة تحمل اسمه عام 2019 ، وجاء توكايف و قلب المعادلة بتقديمه للوطن الكازاخي على الخلود الشخصي ، و انقذ بلاده من انقلاب محتوم عام 2022 بالتعاون مع جارته العظمى روسيا الاتحادية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين وعبر تدخل عسكري مباشر و بجهد ملاحظ لمؤسسة فاغنر الامنية الروسية الخاصة .
وحتى لا يذهب القاريء بعيدا فأن كازاخستان نازار بايف و حتى الان في عهد توكايف هي صديقة للاردن ، و شارع رئيسي هام في عاصمتها يحمل اسم مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، و زيارات هامة قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني للعاصمة استانا في الاعوام 2007 و 2015 و 2017 لتعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجال الاقتصادي ، و حوار جديد ظهر حول تشكيل سابق لجمعية صداقة اردنية كازاخية بتاريخ 20 سمبتمبر 2021 برئاسة احمد داودية ، عقد اجتماعه الاول في - فندق سينتروم – بعمان بتاريخ 19 نوفمبر الجاري بحضوري و عدد من سفراء الاردن السابقين في كازاخستان الى جانب غيرهم من النواب ووالكتاب الصحفيين و المهتمين في شأن تطوير العلاقات الاردنية الكازاخية ، التي اتمنى لها ان تتطور و تزدهر بحجم تجاري و تعليمي و ثقافي و سياحي مشرق وعلى مستوى التجارة الحرة ، و اللغة الكازاخية بالمناسبة كانت تكتب بالاحرف الابجدية العربية حتى عام 1929 كما تكتب منى مخامرة في مؤلفها ( كازاخستان سيمفونية الألم و الامل ً. ص 143 ).
وكازاخستان تقيم علاقات استراتيجية مع روسيا ، و تتفهم عمليتها العسكرية الدفاعية التحريرية الاستباقية في شرق اوكرانيا بتاريخ 24 شباط 2022 وحتى الان ، و مثلما التف الغرب حول امريكا عبر حلف ( الناتو ) احاطت المنظومة السوفيتية السابقة بروسيا ، وفي العمق الصين و الهند و و البلاد العربية و جنوب افريقيا وغيرهم بكامل عمقهم الاقتصادي و العسكري و السياسي ، و لم يعد القطب الواحد بكامل هيبته كما كان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، و اصبح خارج السيطرة و الهيمنة بوجود روسيا و الصين تحديدا ، و توجه صوب عالم الاقطاب المتعددة بقيادة روسيا الاتحادية يسهل رصد مساره ، واهتمام كبير بالقيادة الكازاخستانية من قبل القيادة الروسية كما يتضح لي .
ومع انتهاء عملية فرز الاصوات التي شارك فيها 70% من الناخبين الكازاخيين ، بدأ الاعلام مبكرا يتوقع فوز الرئيس توكايف مجدد كما توقعي الشخصي المبكر ايضا ، مما يعني ان باقي الاسماء التي ترشحت مجرد ديكور ديمقراطي تماما كما يحدث وسط ديمقراطيات العالم و في شرقنا الاوسطي ومنه العربي و سبق للرئيس توكايف ان حصل على 71% من اصوات الناخبين عام 2019 فيما حصل الرئيس الاسبق نزاربايف على 98% من الاصوات عام 2015 ، وهو الذي كان يبحث دائما عن الخلود كما ذكرت سابقا هنا ، ومن اجل ذلك رئس جمعية شعب كازاخستان عام 2021 ، و دخل عضوا في المجلس الدستوري ، و في مجلس الشيوخ ، و رئس مجلس الامن ،و احدى ابنتيه ( داريغا) عملت رئيسة لمجلس الشيوخ عام 2019 ،و لم يخرج من السلطة الا بعد احتجاجات شعبية عارمة ، ومع هذا و ذاك له محبيه و بشكل واسع داخل كازاخستان ، و تميز بعلاقته مع الاردن ،ومع روسيا و دول العالم الصديقة لبلاده ، و اقتنعت السلطة في كازاخستان حديثا بأن افضل خيارات الديمقراطية هي تداول السلطة و ليس احتكارها او تحويلها لمصلحة شخصية وراثية بعد تعديل الدستور ،و بأن كازاخستان لجميع ابنائها ، و بأن النظام الملكوري ، اي الخليط بين الملكي و الجمهوري لا يشبه الجمهوري وفقا لدستوره .
ولمن لا يعرف كازاخستان البلاد الجميلة حقا والتي لم اتشرف بزيارتها حتى الان واسعة المساحة اكثر من 2 مليون كليومتر مربع ، و عدد سكانها تجاوز ال 18 مليون نسمة ، و هي اسلامية الطابع بحجم 70% من عدد سكانها ، مقابل 26 % للمسيحيين و اخرين ، و هي اخر جمهورية انفصلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و اللغة الكازاخية هي الرسمية و تتعامل مع اللغة الروسية و باقي لغات العالم ،و يعيش فيها الروس و الاوكران و الالمان و التتار و الايغور ، وهي ناشطة عالميا في مجال السياسة و الدبلوماسية و الاقتصاد ، وهي عضو في مؤسسة شنغهاي للتعاون sco , و من الدول العالمية العملاقة غير الساحلية ، و مركزا فضائيا هاما ، ومعروفة بمصادرها الطبيعية الغنية مثل النفط و الغاز و المواد النادرة التي تعمل على مقايضتها بالتكنولوجيا العالمية المتطورة .
و بالمناسبة الاردن و بموقعه الجيوسياسي المتميز في صدارة العرب ،و بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني " حفظه الله " يتطلع لعلاقات مشرقة و مستنيرة مع كازاخستان البلد المضياف والدافيء و المحب للعرب و للعلاقات المتوازنة مع دول العالم ، و لدينا في الاردن ما يمكن ان نقدمه لكازاخستان و لشعبه الطيب من سياحة و خاصة الدينية منها عبر زيارة أضرحة الصحابة في الكرك والأغوار وشجرة الحياة ( البقيعاويه ) في منطقة المفرق التي استظل تحتها الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ، و منطقة المغطس حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام باعتراف ( الفاتيكان) ، و البتراء المدينة الوردية و مياه البحر الميت الفريدتان عالميا ، و اثار جرش الرومانية وسط مدينة جراسا المعروف بعمدانها الالف ، و حمامات ماعين و الشمال في ام قيس و اثارها ، قلعة عمون في عمان و قلاع الكرك و الصحراء ، ووادي رم ، و قلعة عجلون ، و القصور الصحراوية ، وقصر علي باشا الكايد في بلدة سوف غرب جرش . وخيرات الاردن القابلة للتصدير و افرة و غنية مثل الزيتون و الزيت و الخضار و الفواكه خاصة الموز الاردني الشهير . و في الختام نعم لتطوير العلاقات الاردنية الكازاخستانية ، و مباركة الانتخابات الرئاسية الكازاخية ، و كل الازدهار لبلدينا الاردن و كازاخستان ، ومبارك فوز الرئيس قاسم جومارت توكايف لجولة ثانية كازاخية و بنسبة مئوية مرتفعة بلغت يوم الاثنين 21 نوفمبر2022 ( 81،31 )% من اصوات الناخبين ، و لحقبة زمنية مدتها سبع سنوات تكفل له تحقيق برامج استراتيجية ناجحة .